بسم الله الرحمن الرحيم
((آداب الطعام))
إن الله سبحانه وتعالى قد أكمل لنا هذا الدين، فلا يحق لأحد أن يزيد فيه أو ينقص، أو يعدل أو يستدرك، وقد بين لنا رسول صلى الله عليه وسلم كل شيء في السنة المطهرة،
ومنه ما ذكر لنا من آداب الأكل والطعام ،وهي:
1ـ أن يغسل يديه قبل الطعام وبعده:
حديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ تَوَضَّأَ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ غَسَلَ يَدَيْهِ.)صحيح النسائي
حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَكَلَ كَتِفَ شَاةٍ فَمَضْمَضَ وَغَسَلَ يَدَيْهِ وَصَلَّى )صحيح النسائي
2ـ ذكر الله تعالى عند الطعام:
حديث جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان لا مبيت لكم ولا عشاء وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله قال الشيطان أدركتم المبيت وإذا لم يذكر الله عند طعامه قال أدركتم المبيت والعشاء). صحيح مسلم
3ـ أن يقول بسم الله قبل البدء في الطعام وأن يحمد الله تعالى بعد الطعام:
حديث عائشة أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ( إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ نَسِيَ أَنْ يَذْكُرَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى فِي أَوَّلِهِ فَلْيَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ.)
في صحيحي أبي داوود والترمذي
قال ابن القيم رحمه الله تعالى والتسمية في أول الطعام والشراب، وحمد الله في آخره تأثيرٌ عجيب في نفعه واستمرائه، ودفع مضرته. قال الإمام أحمد: إذا جمع الطعام أربعاً فقد كمل: إذا ذُكر اسم الله في أوله، وحُمد الله في آخره، وكثرت عليه الأيدي، وكان من حِل.
وفائدة التسمية قبل الطعام أنه يحرم الشيطان من المشاركة في الأكل والإصابة منه.
ولفظ التسمية أن يقول الآكل: (بسم الله)
4ـ حمد الله بعد الاكل
وأما حمد الله تعالى بعد الفراغ من طعامه أو شرابه ففيه فضل عظيم تفضل به الله على عباده، حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنْ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا.)صحيح مسلم
وقد تعددت ألفاظ الحمد عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد الفراغ من طعامه وشرابه ومنها ما يلي:
حديث أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ قَالَ( الْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مُوَدَّعٍ وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبَّنَا.) صحيح البخاري
5ـ الاكل باليمين
حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَأْكُلْ بِيَمِينِهِ وَإِذَا شَرِبَ فَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ).صحيح مسلم
قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى
لما جُعلت الشمال للاستنجاء ومباشرة الأنجاس، واليُمنى لتناول الغذاء، لم يصلح استعمال أحدهما في شغل الأخرى، "لأنه حطٌّ لرتبة ذي الرتبة، ورفع للمحطوط"، فمن خالف ما اقتضته الحكمة وافق الشيطان.
(حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا أَكَلَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِمَالِهِ فَقَالَ: ( كُلْ بِيَمِينِكَ. قَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ قَالَ لَا اسْتَطَعْتَ مَا مَنَعَهُ إِلَّا الْكِبْرُ، قَالَ فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ.)صحيح مسلم
قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم:
وفي هذا الحديث: جواز الدعاء على من خالف الحكم الشرعي بلا عذر، وفيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كل حال حتى في حال الأكل، واستحباب تعليم الآكل آداب الأكل إذا خالفه.
6ـ يحرم الأكل بالشمال إلا لضرورة:
حديث جابر رضي الله عنه أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( لَا تَأْكُلُوا بِالشِّمَالِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِالشِّمَالِ)صحيح مسلم
7ـ أن يأكل بثلاث أصابع:
من هديه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كان يأكل بأصابعه الثلاث، وكان يلعق يده بعد الفراغ من طعامه.
عن كعب بن مالك رضي الله عنه قَالَ:
(كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ وَيَلْعَقُ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يَمْسَحَهَا)
صحيح مسلم
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
فإن الأكل بأصبع أو أصبعين لا يستلذ به الآكل، ولا يمريه، ولا يشبعه إلا بعد طول، ولا تفرح آلات الطعام والمعدة بما ينالها في كل أكلة ... والأكل بالخمسة والراحة يوجب ازدحام الطعام على الآته، وعلى المعدة، وربما انسدت الآلات فمات، وتُغصب الآلات على دفعه، والمعدة على احتماله، ولا يجد له لذة ولا استمراء، فأنفع الأكل أكله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأكل من اقتدى به بالأصابع الثلاث.
8ـ لعق الأصابع والصحفة:
عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا فَلَا يَمْسَحْ يَدَهُ حَتَّى يَلْعَقَهَا أَوْ يُلْعِقَهَا).
عن جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أَمَرَ بِلَعْقِ الْأَصَابِعِ وَالصَّحْفَةِ وَقَالَ إِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ فِي أَيِّهِ الْبَرَكَةُ.)صحيح مسلم
والعلة في ذلك مبينةً معناه والله أعلم أن الطعام الذي يحضره الإنسان فيه بركة، ولا يدري أن تلك البركة فيما أكله أو فيما بقي على أصابعه أو فيما بقي في أسفل القصعة أو في اللقمة الساقطة، فينبغي أن يحافظ على هذا كله لتحصل البركة، وأصل البركة الزيادة وثبوت الخير والامتاع به. قاله النووي (1).
9ـ إذا سقطت اللقمة منه فليمط ما كان بها من أذى ثم ليأكلها
جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِذَا وَقَعَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَأْخُذْهَا فَلْيُمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أَذًى وَلْيَأْكُلْهَا وَلَا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ وَلَا يَمْسَحْ يَدَهُ بِالْمِنْدِيلِ حَتَّى يَلْعَقَ أَصَابِعَهُ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي فِي أَيِّ طَعَامِهِ الْبَرَكَةُ.)أخرجه مسلم (2033)، وأحمد (14980)، والنسائي في ((السنن الكبرى))
10ـ النهي عن الشبع:
(حديث مِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ رضي الله عنه أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ( مَا مَلأَ آدَمِىٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلاَتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ كَانَ لاَ مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ )رواه الترمذي وابن ماجة
عن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: تَجَشَّأَ رَجُلٌ عِنْدَ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ( كُفَّ عَنَّا جُشَاءَكَ فَإِنَّ أَكْثَرَهُمْ شِبَعاً فِى الدُّنْيَا أَطْوَلُهُمْ جُوعاً يَوْمَ الْقِيَامَةِ )رواه الترمذي وابن ماجة
11ـ من آداب الطعام أن تأكل مما يليك
حديث عمر بن أبي سلمى رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ غُلَامًا فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( يَا غُلَامُ سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ.) صحيح البخاري
12ـ يكره أن يأكل متكئًا
قال النبيُّ صلى اللَّه عليه وسل-: (لا آكله متكئًا)
رواه الإمام أحمد 4/ 308، والبخاري (5398) من حديث أبي جحيفة.
قال إسحاق: تركُه فضيلةٌ، فإِنْ فعلَه مترفقًا فلا بأس.
13ـ النهي عن الأكل من إناء الذهب الفضة
عن أُمِّ سلمة رضي الله عنها: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: ( الَّذِي يَشْرَبُ في آنِيَةِ الفِضَّةِ، إنَّمَا يُجَرْجِرُ في بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ ). متفقٌ عَلَيْهِ.
14ـ كراهية ذم الطعام
عن أَبي هُريرة رضي الله عنه قال: ( مَا عَابَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم طَعَامًا قَطُّ، إن اشْتَهَاهُ أكَلَهُ، وَإنْ كَرِهَهُ تَرَكَهُ) متفقٌ عَلَيْهِ.
في تعييب الطعام كسر لقلب صاحبه، وفي مدحه الثناء على الله سبحانه وتعالى وجبر لقلب صاحبه.
15ـ البدء بالطعام قبل الصلاة
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا صلاة بحضرة الطعام، ولا هو يدافعه الأخبثان). رواه مسلم وغيره. الأخبثان: البول والغائط.
وقال عليه الصلاة والسلام: (إذا وضع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء ولا يعجل حتى يفرغ منه). متفق عليه.
أنه إذا حضر الطعام لا يذهب للصلاة ويترك الطعام، وإنما يبدأ بالطعام لأن البدء به فيه إذهاب ما في نفسه من الشوق للطعام الذي قد يشغله عن الخشوع في الصلاة .
16ـ كراهة الأكل الحار
عن أبي هريرة قال : (أتي النبي صلى الله عليه وسلم يوما بطعام سخن فقال ما دخل بطني طعام سخن منذ كذا وكذا قبل اليوم ) رواه البيهقي
17ـ الإجتماع على الطعام سبب البركه
عن وَحْشِيِّ بن حرب رضي الله عنه أنَّ أصحابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: يَا رسولَ اللهِ، إنَّا نَأكُلُ وَلا نَشْبَعُ؟ قَالَ: ( فَلَعَلَّكُمْ تَفْتَرِقُونَ ) قالوا: نَعَمْ. قال: ( فَاجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ، يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ ) رواه أَبُو داود.
فيه: أنَّ البركة تنزل مع الجماعة.
والحمد لله رب العالمين
تعليقات
إرسال تعليق