بسم الله الرحمن الرحيم
1. تعريف الزهد
الزهد لغة: الإعراض، والزهيد: الشيء القليل، فالأصلُ اللغوي واحد يدلُّ على قلَّة الشيء.
"فمعنى الزهد في الشيء: الإعراض عنه؛ لاستقلالِه واحتقارِه، وارْتفاع الهمَّة عنه".
وقد ذكر معنى الزهد في القرآن في قوله - تعالى -: ﴿ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ ﴾ [يوسف: 20].
الزهد اصطلاحا: أختلف العلماء في تعريف الزهد شرعا فسأنقل أجمل ما قيل فيه
1. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة، والورع ترك ما تخاف ضرره في الآخرة
2. وقال أيضا: ليس الزهد ألا تملك شيئًا ولكن الزهد ألا يملكك شيء.
3. قال الحسنُ البصريُّ: الزاهد الذي إذا رأى أحدًا قال: هو أفضل منِّي؛ أي: إنه يزهَد في مدح نفسه وتعظيمها.
4. قال مالك بن دينار: ترْك الدنيا لمن قدَر عليها.
5. وقال مالك بن أنس: هو طِيب الكسب، وقِصَر الأمل.
6. وقال سفيان بن عُيينة: الزهدُ الشُّكر عندَ السرَّاء، والصبر عندَ الضرَّاء.
7. وقال سفيانُ الثوريُّ: الزهد في الدنيا قِصر الأمل، ليس بأكْل الغليظ، ولا لبس العباء.
8. وقال إبراهيمُ بن أدهم: الزُّهد ثلاثةُ أصناف: زُهد فرض، وهو الزُّهد في الحرام، وزهد فضْل، وهو الزُّهد في الحَلال، وزُهد سلامة، وهو الزُّهد في الشُّبهات
9. وقال الفضيل بن عِياض: أصل الزُّهد الرِّضا عن الله - عزَّ وجلَّ - وقال: القنوع: هو الزاهدُ، وهو الغني.
10. قال يونس بن ميسرة: ليس الزهد في الدنيا بترك الحلال ولا إضاعة المال، ولكن الزهد في الدنيا أن تكون بما في يد الله أوثق منك بما في يدك، وأن تكون حالك في المصيبة وحالك إذا لم تصب بها سواء، وأن يكون مادحك وذامّك في الحق سواء.
ومن النصوص الدالة على معنى الزهد في الدنيا
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبيّ فقال : ( كن في الدنيا كأنك غريب ، أو عابر سبيل ) ، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول : " إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء ، وخذ من صحتك لمرضك ، ومن حياتك لموتك "
رواه البخاري .
وعن المستورد بن شداد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (واللَّهِ ما الدُّنْيا في الآخِرَةِ إلَّا مِثْلُ ما يَجْعَلُ أحَدُكُمْ إصْبَعَهُ هذِه، وأَشارَ يَحْيَى بالسَّبَّابَةِ، في اليَمِّ، فَلْيَنْظُرْ بمَ تَرْجِعُ؟)
صحيح مسلم
وفي هذا الحَديثِ يُقسِمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم باللهِ أنَّ مَثَل الدُّنيا في جَنبِ الآخرَةِ، والنَّظرِ إليها مَثَلُ ما يَجعلُ أَحدُ النَّاس إِصبعَه في البَحرِ، فلْيَنْظرْ بِمَ يَرجعُ، وَمعناه: لا يَعلَقُ بإصبَعِه كثيرُ شيءٍ منَ الماءِ، وَمعنى الحَديثِ: ما الدُّنيا بالنِّسبةِ إلى الآخرَةِ في قِصَرِ مُدَّتِها، وفَناءِ لَذَّاتها، ودوامِ الآخرةِ، ودوامِ لذَّاتِها ونعيمِها، إلَّا كنِسبةِ الماءِ الَّذي يَعلَقُ بالإصبَعِ إلى باقي البَحرِ
وعن أبي العباس سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، دلّني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبّني الناس ، فقال : ( ازهد في الدنيا يحبّك الله ، وازهد فيما عند الناس يحبّك الناس )
رواه ابن ماجة .
ونختم بقول الفضيل بن عياض:
لو كانت الدنيا ذهبًا يفنى والآخرة خزف يبقى لكان ينبغي أن تؤثر خزفًا يبقى على ذهب يفنى فكيف والدنيا خزف يفنى والآخرة ذهب يبقى
والحمد لله رب العالمين
تعليقات
إرسال تعليق