القائمة الرئيسية

الصفحات

مقتطفات من كتاب تلبيس ابليس للإمام ابن الجوزي رحمه الله تلبيس إبليس على العباد في العبادات

  بسم الله الرحمن الرحيم 

مقتطفات من كتاب تلبيس ابليس للإمام ابن الجوزي رحمه الله تلبيس إبليس على العباد في العبادات


مقتطفات من كتاب تلبيس ابليس للإمام ابن الجوزي رحمه الله 


تلبيس إبليس على العباد في العبادات  
ذكر تلبيسه عليهم في الاستباطة والحدث


قال المصنف: اعلم أن الباب الأعظم الذي يدخل مِنْهُ إبليس عَلَى الناس هو الجهل فهو يدخل مِنْهُ عَلَى الجهال بأمان وأما العالم فلا يدخل عَلَيْهِ إلا مسارقة وَقَدْ لبس إبليس عَلَى كثير من المتعبدين بقلة علمهم لأن جمهورهم يشتغل بالتعبد ولم يحكم العلم وَقَدْ قَالَ الربيع بْن حيثم تفقه ثم اعتزل.


فأول تلبيسه عليهم إيثارهم التعبد عَلَى العلم والعلم أفضل من النوافل فأراهم أن المقصود من العلم العمل وما فهموا من العمل إلا عمل الجوارح وما علموا أن العمل عمل القلب وعمل القلب أفضل من عمل الجوارح قَالَ مطرف بْن عَبْدِ اللَّهِ فضل العلم خير من فضل العبادة 


وقال المعافى بْن عمران كتابة حديث واحد أحب إلي من صلاة ليلة.


قَالَ المصنف: فلما مر عليهم هَذَا التلبيس وآثروا التعبد بالجوارح عَلَى العلم تمكن إبليس من التلبيس عليهم فِي فنون التعبد.


ذكر تلبيسه عليهم فِي الاستطابة والحدث

من ذلك أنه يأمرهم بطول المكث فِي الخلاء وذلك يؤذي الكبد وإنما ينبغي أن يكون بمقدار ومنهم من يقوم فيمشي ويتنحنح ويرفع قدما ويحط أخرى وعنده أنه يستنقي بهذا وكلما زاد فِي هَذَا نزل البول وبيان هَذَا أن الماء يرشح إِلَى المثانة ويجمع فيها فَإِذَا تهيأ الانسان للبول خرج مَا اجتمع فَإِذَا مشى وتنحنح وتوقف رشح شيء آخر فالرشح لا ينقطع وإنما يكفيه أن يحتلب مَا فِي الذكر بين أصبعيه ثم يتبعه الماء ومنهم من يحسن لَهُ استعمال الماء الكثير وإنما يجزيه بعد زوال العين سبع مرات عَلَى أشد المذاهب فَإِن استعمل الأحجار فيما لم يتعد المخرج أجزأه ثَلاثَة أحجار إذا أنقى بهن ومن لم يقنع بما قنع الشرع به فهو مبتدع شرعا لا متبع وَاللَّه الموفق


ذكر تلبيسه عليهم فِي الوضوء

منهم من يلبس عَلَيْهِ فِي النية فتراه يَقُول أرفع الحدث ثم يَقُول أستبيح الصلاة 

ثم يعيد فيقول أرفع الحدث وسبب هَذَا التلبيس الجهل بالشرع لأن النية بالقلب لا باللفظ فتكلف اللفظ أمر أملا يحتاج إليه ثم لا معنى لتكرار اللفظ ومنهم من يلبس عَلَيْهِ بالنظر فِي الماء المتوضأ به فيقول من أين لك أنه طاهر ويقدر لَهُ فيه كل احتمال بعيد وفتوى الشرع يكفيه بأن أصل الماء الطهارة فلا يترك الأصل بالاحتمال ومنهم من يلبس عَلَيْهِ بكثرة استعمال الماء وذلك يجمع أربعة أشياء مكروهة

الإسراف فِي الماء 

وتضييع العمر القيم فيما ليس بواجب ولا مندوب 

والتعاطي عَلَى الشريعة إذا لم يقنع بما قنعت به من استعمال الماء القليل والدخول فيما نهت عنه من الزيادة عَلَى الثلاث وربما أطال الوضوء ففات وقت الصلاة 

وتلبيس إبليس عَلَى هَذَا بأنك فِي عبادة مَا لم تصح لا تصح الصلاة ولو تدبر أمره لعلم أنه فِي مخالفة وتفريط وَقَدْ رأينا من ينظر فِي هذه الوساوس ولا يبالي بمطعمه ومشربه ولا يحفظ لسانه من غيبة فليته قلب الأمر



وفي الحديث عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن عمرو بْن العاص أن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مر بسعد وَهُوَ يتوضأ فَقَالَ: "مَا هَذَا السرف يا سَعْد" قَالَ أفي الوضوء سرف قَالَ: "نعم وإن كنت عَلَى نهر جار" وفي الحديث عَنْ أبي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "للوضوء شيطان يقال لَهُ الولهان فاتقوه" أَوْ قَالَ "فاحذروه" 

وعن الْحَسَن رَضِيَ اللَّهُ عنه قَالَ شيطان الوضوء يدعى الولهان يضحك بالناس فِي الوضوء



 وبإسناد مرفوع إِلَى أبي نعامة إن عَبْد اللَّهِ بْن مغفل قال  سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: "سَيَكُونُ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الدُّعَاءِ وَالطَّهُورِ


وعن ابْن شوذب قَالَ كان الْحَسَن يعرض بابن سيرين يَقُول يتوضأ أحدهم بقربة ويغتسل بمزادة صبا صبا ودلكا دلكا تعذيبا لأنفسهم وخلافا لسنة نبيهم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 

وقال فِي المني: "أمطه عنك بأذخرة" 

قَالَ وفي الحذاء طهوره بأن يدلك بالأرض


وفي ذيل المرأة يطهره مَا بعده 


وقال: "يغسل بول الجارية وينضح بول الغلام" 

وكان يحمل ابنه أبي العاص بْن الربيع فِي الصلاة ونهى الراعي عَنْ إعلام السائل لَهُ عَن الماء وما يرده وقال: "مَا أبقيت لنا طهور" وقال: "يا صاحب الماء لا تخبره" 


 فأما قوله: "استنزهوا البول" فان للتنزه حدا معلوما وهو أن لا يغفل عَنْ محل قد أصابه حتى يتبعه الماء فأما الاستنثار فانه إذا علق نما وانقطع الوقت بما لا يقضي بمثله الشرع.


قَالَ المصنف: وكان أسود بْن سالم وَهُوَ من كبار الصالحين يستعمل ماءا كثيرا فِي وضوئه ثم ترك ذلك فسأله رجل عَنْ سبب تركه فَقَالَ نمت ليلة فَإِذَا بهاتف يهتف بي يا أسود مَا هَذَا يَحْيَى بْن سَعِيد الأنصاري حَدَّثَنِي عَنْ سَعِيد بْن المسيب قَالَ إذا جاوز الوضوء ثلاثا لم يرفع إِلَى السماء قَالَ قلت لا أعود لا أعود فأنا الْيَوْم يكفيني كف من ماء.


والحمد لله رب العالمين

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات