القائمة الرئيسية

الصفحات

كيف تكون سعيد في الدنيا (تعريف السعادة وأسبابها)

بسم الله الرحمن الرحيم




تعريف السعادة:

((ماهي السعادة))

السعادة جنة الأحلام ومنتهى الآمال، كل البشر ينشدها، وقليل من يدركها، ومع اختلاف العباد ومعايشهم وتباين وسائلهم وغاياتهم وتنوع لغاتهم وأجناسهم، ومع افتراق مشاربهم وطموحاتهم، إلا أنهم متفقون على طلب السعادة، لتوجعهم من مكابدة الحياة وآلامها، لطمعهم في حياة سعيدة هنيئة لا أحزان فيها ولا هموم، ونوال السعادة منحة من الرحمن يهبها لمن يشاء من عباده، 

ولكن من الناس من بحث عن السعادة في المال، والبعض بحث عنها في اتباع الشهوات وفعل المحرمات، ولكن هؤلاء كلهم في الحقيقة لم يجدوا السعادة؛ 

لأن السعادة الحقيقية لن تُنال إلا بتقوى الله عز وجل بطاعته وطاعة رسوله  صلى الله عليه وسلم ، وبالبعد عن المعاصي والسيئات، 

قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}(1) .

قال شيخ الإسلام: "الإيمان بالله ورسوله هو جماع السعادة وأصلها" 

فالحياة وما فيها من متاع لا سعادة فيها بلا تقوى


((أسباب السعادة ))

((حسن الخلق ونقاء القلب))

 إذا أراد الله أن يسعد العبد بين الناس أسعده بحسن الخلق، 

قال صلى الله عليه وسلم: (إن العبد ليدرك بحسن الخلق درجة الصائم القائم)،(2)

وقال صلى الله عليه وسلم (خير المؤمنين وأكملهم إيماناً أحسنهم أخلاقاً)(3) 

فإذا أراد الله أن يسعدك طيَّب شمائلك وأخلاقك، فأحبك الناس من قربك وفعلك، من رزقه الله حسن الخلق عاش سعيداً، ومات حميداً، ورضي الناس عنه وشهدوا له بكل خير، ولربما بقي حياً بعد موته في الذكر الجميل، فالأخلاق والآداب الطيبة ومعاشرة الناس وتوطئة الكنف من أعظم أسباب السعادة.

فأول ما ينبغي على الإنسان لكي يكون سعيداً مع الناس: أن ينزع من قلبه الحسد والبغضاء، ويجب أن تحب لهم ما تحب لنفسك، وترضى لهم ما ترضى لنفسك، وينبغي أن تحسن بهم الظن كما ينبغي عليهم أن يحسنوا بك الظن أيضاً، فإذا سلم صدرك سلمت جوارحك، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب) (4)

وإذا أردت سعادة مع الناس: فعليك أن تسلم الناس من لسانك، فلا يسمعون منك إلا الطيب؛ لأن المسلم طيب سلم لله لسانه وجنانه وجوارحه وأركانه.

ولقد وصف الله أهل الجنة بأنهم طابوا، والملائكة يدخلون عليهم من كل باب ويسلمون عليهم، يقول الله عز وجل: {سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ}(5)  فلما طابت أقوالهم وأفعالهم كانوا من أهل الجنة،


((الدعاء))

ينبغي على من أراد أن يسعده الله في الدنيا والآخرة فعليه أن يكثر من الدعاء بأن يسأل الله عز وجل أن يحييه حياة السعداء، وأن يرزقه مرافقة الأنبياء، فإن الله كريم، فلا تستكثر على الله أن يسعدك في أهلك ومالك وولدك، فإن الله مقلب القلوب والأحوال، وكم من شقي قلبه الله سعيداً في طرفة عين! فالله على كل شيءٍ قدير.

فالسعادة من الله، وإن فتح لك الله بابها فلا يستطيع أحد أن يغلقه عليك {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا}(6) 

 فأكثر من الدعاء، وإذا نظر الله إليك وأنت تفتقر إليه بأن يرحمك فإن الله سيجزيك ويجيب دعوتك، قال تعالى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}(7) 


((الرضا)) 

أعلى درجات الصبر هو الرضا، ولا يبلغه إلا من آتاه الله إيماناً وصبراً جميلاً، فتراه راضياً بما حلَّ به؛ سواء كان الذي حلَّ به فقراً، أو مصيبةً، أو علةً، أو غير ذلك، فهو يدري أن ذلك بقضاء الله عز وجل

وإن الساخطين والشاكين لا يذوقون للسرور طعماً، فحياتهم كلها ظلام وسواد، أما المؤمن الحق فهو راضٍ عن نفسه، راضٍ عن ربه، موقنٌ أن تدبير الله عز وجل أفضل من تدبيره نفسه، ينادي ربه ويقول: {بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}(8)


((العمل))

اسعد في عملك بتحقيق المراقبة الذاتية، فالعمل فرصة  لأن تكسب علاقات طيبة مع الآخرين، وتبني جسور الأخوَّة مع إخوانك المؤمنين، وتتواصل معهم من خلال التعامل اليومي اقتنع بالعمل، وتفهم تفاصيله، واندمج فيه، وحقق النتائج والنجاح حتى تشعر بذاتك وسعادتك.

استثمر النجاح ولو كان نجاحاً قليلاً، واستفد منه في طلب المزيد.

لا تدع الملل والسأم يفسدان حياتك، وأعط نفسك إجازة استرخاء بين الفينة والأخرى


(( البر بأنواعه))

{إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ}(9)

يقول ابن تيمية رحمه: أن هذه الآية عامة في الدنيا والآخرة، فللأبرار نعيم في الآخرة يذوقون أوله ومباديه في الدنيا، وللفجار عذاب وجحيم في الآخرة يذوقون مباديه في الدنيا.


((الذكر وقراءة القرأن))

ذِكْرُ الله عز وجل: {أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}(10) 

يقول ابن القيم رحمه الله: حضرت شيخ الإسلام ابن تيمية مرة، فصلى الفجر ثم جلس يذكر الله إلى قريب من منتصف النهار، ثم التفت إليَّ وقال لي: (هذه غدوتي لو لم أتغدها لم تحملني قواي) .

قال تعالى{وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً}(11).


((المراجع))

(1) [الأحزاب: 70 - 71].

2-عن عائشة رضي الله عنها رواه ابو داود وأحمد وصححه الألباني

3-رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح عن ابي هريرة

4-عن النعمان بن بشير،متفق عليه

(5) [الزمر:73] 

(6) [فاطر:2]

(7) [غافر:60].

(8) [آل عمران:26] .

(9) [الانفطار:13] 

(10) [الرعد:28] 

(11) [الإسراء:82] .


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات