بسم الله الرحمن الرحيم
ما هو حق الزوج على زوجته وما حق الزوجة على زوجها في الإسلام
نحمد الله تعالى على عظيم نعمته علينا ومما أنعم علينا ما قاله في كتابه الكريم { وَمِنْ ءَايٰتِهِۦٓ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوٰجًا لِّتَسْكُنُوٓا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِى ذٰلِكَ لَءَايٰتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }
[ سورة الروم : 21 ]
أوجب الله تعالى على الناس حقوقا لهم وحقوقا عليهم ومن جملة الحقوق حقوق الزوج على زوجته وحقوق الزوجة على زوجها فإذا التزم كل طرف بما عليه من حقوق تحققت السعادة الزوجية وتحققت المودة والرحمة بين الزوجين وكان لهذا الإلتزام آثاره في الدنيا والآخرة ناهيك عن أثره على الأولاد ومن هذه الحقوق
((حقوق الزوجة على زوجها))
1. المهر: هو المال الذي تستحقه الزوجة بالعقد عليها والدخول بها
قال الله تعالى { وَءَاتُوا النِّسَآءَ صَدُقٰتِهِنَّ نِحْلَةً }
[ سورة النساء : 4 ]
2. النفقة: أجمع العلماء على وجوب أن ينفق الزوج على زوجته والمقصود بالنفقة توفير ما تحتاجه الزوجة من طعام وملبس ومسكن حتى لو كانت الزوجة غنية
عن عائشة رضي الله عنها قالت دَخَلَتْ هِنْدٌ بنْتُ عُتْبَةَ امْرَأَةُ أَبِي سُفْيَانَ علَى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَتْ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، لا يُعْطِينِي مِنَ النَّفَقَةِ ما يَكْفِينِي وَيَكْفِي بَنِيَّ إلَّا ما أَخَذْتُ مِن مَالِهِ بغيرِ عِلْمِهِ، فَهلْ عَلَيَّ في ذلكَ مِن جُنَاحٍ؟ فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: (خُذِي مِن مَالِهِ بالمَعروفِ ما يَكْفِيكِ وَيَكْفِي بَنِيكِ).
أخرجه البخاري (7161)، ومسلم (1714)
3. حسن المعاملة والعشرة: يجب على الزوج الرفق بزوجته وتحسين خلقه معها و الإحسان إليها وفعل ما يؤلف قلبها بالمعروف
قال الله تعالى: { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}
[ سورة النساء : 19 ]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " استوصوا بالنساء " . رواه البخاري ( 3153 ) ومسلم ( 1468 ) .
4. عدم الإضرار بالزوجة: وهذا أصل من أصول الإسلام فالضرر عموما محرم فعن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى " أن لا ضرر ولا ضرار "
رواه ابن ماجه ( 2340 ) و صححه الإمام أحمد والحاكم وابن الصلاح وغيرهم .
ومع أن الشرع أباح ضرب الزوج لزوجته لأسباب معينة وبعدة شروط فإذا تحققت الأسباب والشروط لضرب الزوجة يجب أن يكون الضرب غير مبرح فعن جابر بن عبد الله قال : قال صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع : " فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف " .
رواه مسلم ( 1218 ) .
5. العدل بين الزوجات: بحال أن للرجل أكثر من زوجة فمن حق الزوجات على زوجهن العدل بينهن
قال الله تعالى: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَآءِ مَثْنٰى وَثُلٰثَ وَرُبٰعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوٰحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمٰنُكُمْ ۚ ذٰلِكَ أَدْنٰىٓ أَلَّا تَعُولُوا }
[ سورة النساء : 3 ]
قال جمهور العلماء في تفسير {ذٰلِكَ أَدْنٰىٓ أَلَّا تَعُولُوا} أي (لاتجوروا)
((حقوق الزوج على زوجته))
حقوق الزوج على زوجته من أعظم الحقوق وحقه عليها أعظم من حقها عليه قال الله تعالى:{ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِى عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }
[ سورة البقرة : 228 ]
ومن حقوق الزوج على زوجته
1. وجوب طاعته: جعل الله الرجال قوامون على النساء بما خص الله به الرجال على النساء من خصائص جسمية وعقلية وبما فضله عليهن وبما أوجبه عليه من واجبات مالية
قال الله تعالى: { الرِّجَالُ قَوّٰمُونَ عَلَى النِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلٰى بَعْضٍ وَبِمَآ أَنفَقُوا مِنْ أَمْوٰلِهِمْ }
[ سورة النساء : 34 ]
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {الرجال قوامون على النساء} يعني : أمراء عليهن ، أي : تطيعه فيما أمرها الله به من طاعته ، وطاعته أن تكون محسنة لأهله حافظة لماله .
وكذا قال مقاتل والسدي والضحاك . " تفسير ابن كثير " ( 1 / 492 ) .
2. تمكين الزوج من الجماع والإستمتاع: من حق الزوج على زوجته بعد العقد عليها وإعلان الزواج كما تجري العادة بين الناس أن تمكنهه من نفسها للإستمتاع إلا أن تكون معذورة بعذر شرعي كالحيض والنفاس وصيام الفرض والمرض فإذا امتنعت تكون وقعت بكبيرة من الكبائر فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح)
رواه البخاري ( 3065 ) ومسلم ( 1436 ) .
3. عدم الإذن لمن يكره الزوج دخوله إلى بيتها: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه ، ......." .
رواه البخاري ( 4899 ) ومسلم ( 1026 ) .
وعن سليمان بن عمرو بن الأحوص حدثني أبي أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ ثم قال : (استوصوا بالنساء خيرا فإنهن عندكم عوانٍ ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن لكم من نسائكم حقا ولنسائكم عليكم حقا فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن) .
رواه الترمذي ( 1163 ) وقال : هذا حديث حسن صحيح ، وابن ماجه ( 1851 ) .
4. عدم خروج الزوجة من بيتها إلا بإذن زوجها:
نقل ابن حجر العسقلاني عن النووي عند التعليق على حديث : ( إذا استأذنكم نساؤكم بالليل إلى المسجد فأذنوا لهن ) أنه قال : استدل به على أن المرأة لا تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه ، لتوجه الأمر إلى الأزواج بالإذن
قال الشافعية والحنابلة : ليس لها الخروج لعيادة أبيها المريض إلا بإذن الزوج ، وله منعها من ذلك .. ؛ لأن طاعة الزوج واجبة ، فلا يجوز ترك الواجب بما ليس بواجب .
5. التأديب: من حق الزوج على زوجته تأديبها عند عدم طاعته بالمعروف لا بالمعصية لأن الله تعالى أمر بتأديب النساء بالهجر والضرب عند عدم الطاعة قال الله تعالى:{ الرِّجَالُ قَوّٰمُونَ عَلَى النِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلٰى بَعْضٍ وَبِمَآ أَنفَقُوا مِنْ أَمْوٰلِهِمْ ۚ فَالصّٰلِحٰتُ قٰنِتٰتٌ حٰفِظٰتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَالّٰتِى تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِى الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا }
[ سورة النساء : 34 ]
6. خدمة الزوجة لزوجها: اختلف العلماء في موضوع خدمة الزوجة لزوجها فذهب جمهور العلماء (الحنابلة والشافعية وبعض المالكية ) إلى عدم وجوب خدمة الزوجة لزوجها ولكن الأولى لها فعل ما جرت العادة به
وذهب الحنفية إلى وجوب خدمة الزوجة لزوجها
وذهب جمهور المالكية وأبو ثور ، وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو إسحاق الجوزجاني إلى وجوب خدمة الزوجة لزوجها في أعمال المنزل الداخلية وأن على الرجل القيام بالأعمال خارج المنزل وفق ما جرت العادة عليه وذلك استنادا إلى قصة علي وفاطمة رضل الله عنهما حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بخدمة فاطمة رضي الله عنها بخدمة البيت وعلى علي بما كان خارج البيت ولحديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( لو أمرتُ أحدًا أن يسجُدَ لأحدٍ لأمرتُ المرأةَ أن تسجُدَ لزوجِها ولو أنَّ رجلًا أمر امرأتَه أن تنتقِلَ من جبلٍ أحمرَ إلى جبلٍ أسوَدَ أو من أسوَدَ إلى جبلٍ أحمرَ لكان نوْلُها أن تفعلَ)
أخرجه ابن ماجه (1852)، وأحمد (24471) باختلاف يسير والحديث فيه ضعف
واستدلوا أيضا بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر نساءه بخدمته فيقول : يا عائشة أطعمينا ، يا عائشة هلمي المدية واشحذيها بحجر .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
وتجب خدمة زوجها بالمعروف من مثلها لمثله ويتنوع ذلك بتنوع الأحوال فخدمة البدوية ليست كخدمة القروية وخدمة القوية ليست كخدمة الضعيفة .
" الفتاوى الكبرى " ( 4 / 561 ) .
7. حسن معاملة الزوجة لزوجها: قال الله تعالى في معاشرة الزوجة لزوجها بالمعروف{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِى عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}
[ سورة البقرة : 228 ]
8. تركها ما يؤذي زوجها: عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تؤذي امرأةٌ زوجَها في الدُّنيا ، إلاَّ قالت زوجتُهُ منَ الحورِ العينِ لاَ تؤذيهِ قاتلَكِ اللَّهُ فإنَّما هوَ عندَكِ دخيلٌ يوشِكُ أن يفارقَكِ إلينا)
أخرجه الترمذي (1174)، وأحمد (22101) واللفظ لهما، وابن ماجه (2014) باختلاف يسير
والحمد لله رب العالمين
تعليقات
إرسال تعليق