بسم الله الرحمن الرحيم
(لاحول ولاقوة إلا بالله)
ذكر جميل جليل، قليل المبنى عظيم المعنى، فيه من التوحيد والإجلال والتوقير لله سبحانه وتعالى، و فيه من التوكل والاستعانة بالله سبحانه وبحمده، هي كلمة من تحت العرش و غرس من غراس الجنة، وباب من أبوابها وكنز من كنوزها.
لا حول ولا قوة إلا بالله: قيل معناه لا حول عن المعصية ولا قوة ععلى الطاعة إل بتوفيق اللَّه
وقيل الحول الحركة تقول حال الشخص إذا تحرك فالمعنى لا حركة ولا استطاعة إل بمشيئة الله
وقيل الحول والحيلة والاحتيال والتحيل الحذق وجودة النظر والقدرة على دقة التصرف أي لا إجادة للعمل ولا قدرة للانسان عليه إلا بمعونة الله
وقد أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه رضوان الله عليهم
فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فكنا إذا علونا كبرنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أيها الناس اربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا، ولكن تدعون سميعا بصيرا). ثم أتى علي وأنا أقول في نفسي: لا حول ولا قوة إلا بالله، فقال: (يا عبد الله بن قيس، قل: لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها كنز من كنوز الجنة). أو قال: (ألا أدلك على كلمة هي كنز من كنوز الجنة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله)
رواه البخاري.
وعن حازم بن حرملة الأسلمي رضي الله عنه قال: مررت بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال لي: (يا حازم! أكْثر منْ قول: لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنّها من كنوز الجنّة)
رواه ابن ماجة بسند صحيح.
وجاء في الحديث الصحيح قول الصحابي الجليل أبو ذر رضي الله عنه (أوصاني صلى الله عليه وسلم أن أكثر من قول لا حول و لا قوة إلا بالله).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألا أعلّمك أو قال ألا أدُلُّك على كلمة من تحت العرش من كنز الجنّة؟ تقول: لا حول ولا قوّة إلاّ بالله، فيقول الله عزّ وجلّ: أسلم عبدي واسْتسلم)
رواه الحاكم بسند صحيح.
وعن جابر رضي الله عنه، قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرمضاء، فلم يشكنا وقال: " استعينوا بـ: لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها تدفع تسعة وتسعين بابا من الضراء أدناها الهم "
رواه الطبراني في الصغير والأوسط وهو حديث حسن.
وقال الإمام ابن رجب رحمه الله (فإنّ المعنى: لا تحوّل للعبد من حال إلى حال، ولا قوة له على ذلك إلاّ بالله، وهذه كلمة عظيمة وهي كنز من كنوز الجنّة).
وقال الامام ابن القيّم رحمه الله: (لمّا كان الكنز هو المال النفيس المجتمع الذي يخفى على أكثر النّاس، وكان هذا شأن هذه الكلمة، كانت كنزاً من كنوز الجنة، فأوتيها النبي صلى الله عليه وسلم من كنز تحت العرش، وكان قائلها أسلم واستسلم لمن أزمّة الأمور بيديه، وفوّض أمره إليه).
قال الإمام النووي رحمه الله: قال العلماء: (سبب ذلك أنّها كلمة اسْتسلام وتفويض إلى الله تعالى، واعْتراف بالإذعان له، وأنّه لا صانع غيره، ولا رادّ لأمره، وأنّ العبد لا يملك شيئاً من الأمر، ومعنى الكنز هنا: أنّه ثواب مدّخر في الجنّة، وهو ثواب نفيس، كما أنّ الكنز أنفس أموالكم).
فإذا خرج الرجل من بيته فهو مطالب بالاستعانة بالله وهناك يكون لهذه الكلمة تأثيرها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج الرجل من بيته فقال: (بسم الله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله. قال: يقال حينئذ: هديت وكفيت ووقيت) فتتنحى له الشياطين، فيقول شيطان آخر: كيف لك برجل قد هدى وكفى ووقى رواه أبو داود والترمذي
فعلى العبد أن يكثر من قول: لا حول ولاقوه إلا بالله، فانه يعترف بأنه لا قدرة له على التحول من حال إلى حال، ولا قوة به على مواجهة الصعاب إلا بالله تعالى، قال تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [الأنفال:24] .
فإذا عرف العبد أن الله تعالى يحول بين المرء وقلبه، وأن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن إذا شاء أن يقيمه أقامه وإذا شاء أن يزيغه أزاغه، فإنه يقول: لا حول ولاقوه إلا بالله، فيبرأ من كل معاني الثقة بالنفس، أو الغرور، أو الاعتماد على الذات، ويلتزم بطاعة الله تعالى، ومحبته، وتعظيمه، وتوحيده.
قال مكحول فمن قال لا حول ولا قوة الا بالله ولا ملجا من الله الا اليه كشف سبعين بابا ادنها الفقروهي دواءوشفاء لتسعه وتسعين داءوهي دافعه للهم والحزن
فان لا حول ولاقوة إلا بالله كلمة استعانة وتوكل ولذا تجد الشارع أوصى بذكرها في مواضع الاستعانة بالله سبحانه وتعالى
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : هذه الكلمة كلمة استعانة لا كلمة استرجاع وكثير من الناس يقولها عند المصائب بمنزلة الاسترجاع ويقولها جزعا لا صبرا
(الاستقامة 2/ 81 , الفتاوى الكبرى 2/ 390)
والحمد لله رب العالمين
تعليقات
إرسال تعليق