بسم الله الرحمن الرحيم
ماهي صلة الرحم وما منافعها وكيف تكون وما حكم قطيعة الرحم
((ما هي صلة الرحم))
قال ابن منظور رحمه الله:《وصلت الشيء وصلا وصلة، والوصل ضد الهجران 》
وقال:《ويقال: وصل فلان رحمه يصلها صلة وبينهما وصلة: أي اتصال وذريعة 》
وقال ابن الأثير: 《هي كناية عن الإحسان إلى الأقربين من ذوي النسب والأصهار، والعطف عليهم، والرفق بهم، والرعاية لأحوالهم، وكذلك إن بعدوا وأساءوا، وقطع الرحم ضد ذلك كله 》
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بداية أمره وبعثته مع دعوته إلى التوحيد كان أيضاً يأمر بصلة الأرحام، فلما سأل هرقل أبا سفيان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً له: بما يأمركم ،يعني النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: (يأمرنا بالصلاة والصدقة والعفاف والصلة) يعني بذلك صلة الارحام
هناك احاديث كثيرة في صلة الرحم والحث الشديد عليها وحرمة قطيعتها والتحذير من قطعها والوعيد الشديد بقطع الله لقاطعها والوعد بزيادة الرزق وطول العمر لواصلها وعون الله تعالى وتوفيقه لمن يتحمل الأذى في سبيل وصلها.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (صلة الرحم وحسن الخلق وحسن الجوار يعمرن الديار ويزدن فى الأعمار) (1)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(صلة الرحم مثراة فى المال محبة فى الأهل منسأة فى الأجل )(2)
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله)(3)
عَن جُبَير بن مطعم رَضِي الله عَنهُ، عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (لا يدْخل الْجنَّة قَاطع)(4)
عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: ( قَالَ الله: أَنا الرَّحْمَن وَهِي الرَّحِم شققت لَهَا من اسْمِي من وَصلهَا وصلته وَمن قطعهَا بتته). (5)
وصلة الرحم سبب لزيادة العمر وبسط الرزق، قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: (من سره أَن يبسط لَهُ فِي رزقه وَأَن ينسأ لَهُ فِي أَثَره، فَليصل رَحمَه). (6)
صلة الرحم من شعار الإيمان بالله واليوم الآخر: فعن أبى هريرة رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه )(7)
عَن أَبي بَكْرَةَ الثَّقَفِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال:
(إِنَّ أَعْجَلَ الطَّاعَةِ ثَوَابَاً: صِلَةُ الرَّحِم، وَإِنَّ أَهْلَ البَيْتِ لَيَكُونُونَ فَجَرَة؛ فَتَنمُو أَمْوَالُهُمْ، وَيَكْثُرُ عَدَدُهُمْ؛ إِذَا وَصَلُواْ أَرْحَامَهُمْ )(8)
ُقال ِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(صِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ في العُمُر )(9)
((من هم الرحم التي تجب صلتهم))
قَالَ الْقُرْطُبِيّ: الرَّحِمُ الَّتِي تُوصَلُ , عَامَّةٌ وَخَاصَّةٌ، فَالْعَامَّةُ: رَحِمُ الدِّين وَتَجِبُ مُوَاصَلَتُهَا بِالتَّوَادُدِ وَالتَّنَاصُحِ , وَالْعَدْلِ وَالْإِنْصَافِ, وَالْقِيَامِ بِالْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ وَالْمُسْتَحَبَّةِ , وَأَمَّا الرَّحِمُ الْخَاصَّة: فَتَزِيدُ بِالنَّفَقَةِ عَلَى الْقَرِيب , وَتَفَقُّدِ أَحْوَالِهِمْ , وَالتَّغَافُلِ عَنْ زَلَّاتِهِمْ , وَتَتَفَاوَتُ مَرَاتِبُ اِسْتِحْقَاقِهِمْ فِي ذَلِكَ , كَمَا فِي الْحَدِيث " الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَب ".(10)
يُقَدَّمُ في صِلةِ الرَّحِمِ الأقرَبُ فالأقرَبُ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ
((كيف تكون صلة الرحم))
قال ابن أبي جمرة: تكون صلة الرحم بالمال، وبالعون على الحاجة، وبدفع الضرر، وبطلاقة الوجه، وبالدعاء، وهذا إنما يستمر إذا كان أهل الرحم أهل استقامة، فإن كانوا فجّارًا، فمقاطعتهم في الله هي صلتهم بشرط بذل الجهد في وعظهم، ثم إعلامهم إذا أصروا أن ذلك بسبب تخلفهم عن الحق، ولا يسقط مع ذلك صلتهم بالدعاء لهم بظهر الغيب أن يعودوا إلى الطريق المثلى.
وأيضا:
بزيارتهم، وتفقد أحوالهم، والسؤال عنهم، والإهداء إليهم، وإنزالهم منازلهم، والتصدق على فقيرهم، والتلطف مع غنيهم، وتوقير كبيرهم، ورحمة صغيرهم وضعفتهم، وتعاهدهم بكثرة السؤال والزيارة إما أن يأتي الإنسان إليهم بنفسه، أو يصلهم عبر الرسالة، أو المكالمة الهاتفية.
وتكون أيضا بمشاركتهم في أفراحهم، ومواساتهم في أتراحهم،
أعظم ما تكون به الصلة، أن يحرص المرء على دعوتهم إلى الهدى، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر. وهذه الصلة تستمر إذا كان الرحم صالحة مستقيمة أو مستورة.
أما إذا كانت الرحم سافرة أو فاسقة فتكون صلتهم بالعظة والتذكير، وبذل الجهد في ذلك.
وتكون بالدعاء لهم، وسلامة الصدر نحوهم، وإصلاح ذات البين إذا فسدت بينهم، والحرص على تأصير العلاقة وتثبيت دعائمها معهم. وتكون بعيادة مرضاهم، وإجابة دعوتهم.
((بم تكون القطيعة؟))
قال الإمام الصنعاني: اختلف العلماءُ: بأي شيءٍ تحصلُ القطيعةُ للرحم؟
فقال الزينُ العراقيُّ: تكونُ بالإساءةِ إلى الرَّحم، وقال غيرهُ: تكونُ بترك الإحسانِ؛ لأن الأحاديث آمرةٌ بالصلةِ، ناهية عن القطيعة، فلا واسطةَ بينهما، والصلةُ: نوع من الإحسانِ كما فسرها بذلك غيرُ واحدٍ، والقطيعةُ ضدها، وهي تركُ الإحسانِ
قال الله تعالى:
{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ. أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ}(11)
إن هذه المعصية لم يأذن الله بها شرعاً، و يَسْخط الله على صاحبها ويلعنه ويطرده من رحمته، لأن صاحبها حَرَمَ رحمته مَنْ أوجب الله عليه أن يرحمهم من ذوي رحمه، ويقطعه الله لأنه قَطَع الرحم التي حرّم الله عليه أن يقطعها وأوجب عليه أن يصلها.
إن هذا كله يؤكد أن صلة الرحم ليست حقاً للموصول فقط بل هي حقٌ للواصل أيضاً كما أنها حق واجب عليه؛ لأنه متضرر إن لم يفعل، ومنتفع إن فعل حيث تعود عليه صلة الرحم بعواقب الفعل الجميل في الدنيا وفي الآخرة وعند الناس وعند الله.
والحمد لله رب العالمين
((المراجع))
1ـ أحمد، ، والبيهقى فى شعب الإيمان عن عائشة رضي الله عنها
2ـ رواه الطبرانى فى الأوسط ،عن عمرو بن سهل
4ـ صحيح مسلم
5ـ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ: حَدِيث صَحِيح وَاللَّفْظ لأبي دَاوُد.
6ـ أخرجه البُخَارِيّ.عن أنس ابن مالك
7ـ رواه البخاري
8ـ صَحَّحَهُُ الأَلبَانيُّ في الجَامِعِ بِرَقم: (10642)، وَرَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبَرَانيُّ في الكَبِير
9ـ عن أبي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنه حَسَّنَهُ الْعَلاَّمَةُ الأَلبَانيُّ في الجامِع، وَالإِمَامُ الهَيْثَمِيُّ في المجْمَع، وَالحَدِيثُ رَوَاهُ الإِمَامُ الطَّبرَانيُّ في الكَبِير
تعليقات
إرسال تعليق