السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين
وفاة النبي صلى الله عليه وسلم و اثرها الكبير على الامة عامة وعلى صحابته رضي الله عنهم خاصة
وذلك لأن وفاته صلى الله عليه وسلم ليست كوفاة سائر الناس أو الأنبياء إذ بموته صلوات الله وسلامه عليه إنتهت النبوات وإنقطع الوحي عن الأرض
وقد أخبر نبينا صلى الله عليه وسلم عن أثر وفاته على أصحابه خاصة وعلى الأمة عامة فقال : ( النجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماءَ ما توعد، وأنا أمَنَةٌ لأصحابي، فإذا ذهبتُ أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنةٌ لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون ) رواه مسلم .
قال النووي في شرح الحديث: " وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ( وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون ) أي من الفتن والحروب وارتداد من ارتد من الأعراب، واختلاف القلوب ونحو ذلك مما أنذر به صريحا، وقد وقع كل ذلك .. وقوله صلى الله عليه وسلم : ( وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون ) معناه من ظهور البدع والحوادث في الدين " .
توفي صلى الله عليه وسلم في يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول من السنة الحادية عشرة من الهجرة وله ثلاث وستون سنة
فعند سماع عمر بن الخطاب رضي الله عنه بخبر وفاته صلى الله عليه وسلم قام فقال والله ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ما كان يقع في نفسي إلا ذاك وليبعثنَّه الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم فجاء أبو بكر فكشف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبله وقال: بأبي أنت وأمي طبت حياً وميتاً والذي نفسي بيده لا يذيقك الله الموتتين أبداً ثم خرج فقال: أيها الحالف على رِسْلِك فلما تكلم أبو بكر جلس عمر فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه وقال: " ألا من كان يعبد محمداً صلى الله عليه وسلم فإن محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت "
وقال: { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ }(الزمر:30)
وقال: { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ }(آل عمران:144)،
فنشج الناس يبكون
رواه البخاري .
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : " والله لكأن الناس لم يكونوا يعلمون أن الله أنزلها حتى تلاها أبو بكر رضي الله عنه فتلقاها منه الناس فما يسمع بشر إلا يتلوها "
وقال عمر: " فوالله لكأني لم أتل هذه الآية قط "
ومن مظاهر حزن صحابته صلى الله عليه وسلم
أن أبا بكر رضي الله عنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته فوضع فمه بين عينيه ووضع يديه على صدغيه وقال: ( وا نبياه، وا خليلاه، وا صفياه ،
صدق الله ورسوله { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ }(الزمر:30)
{ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ }(الأنبياء:34)، { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ }(آل عمران: من الآية185) )
رواه أحمد
وقال عثمان رضي الله عنه : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فحزن عليه رجال من أصحابه حتى كان بعضهم يوسوس فكنت ممن حزن عليه فبينما أنا جالس في أطم من آطام المدينة وقد بويع أبو بكر إذ مَرَّ بي عمر فسلم عليَّ فلم أشعر به لِمَا بي من الحزن " .
ويقول أنس رضي الله عنه : " قلّ ليلة تأتي عليَّ إلا وأنا أرى فيها خليلي عليه السلام ويقول ذلك وتدمع عيناه "
وقال ايضا لما كان اليوم الذي قدم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أضاء منها كل شيء فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء وقال: ما نفضنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأيدي حتى أنكرنا قلوبنا
وقال أبو ذؤيب الهذلي: " قدمت المدينة ولأهلها ضجيج بالبكاء كضجيج الحجيج أهلوا جميعاً بالإحرام فقلت: مه؟!
فقالوا: قُبِض رسول الله صلى الله عليه وسلم " .
وقال ابن رجب: " ولما توفي صلى الله عليه وسلم اضطرب المسلمون فمنهم من دهش فخولط، ومنهم من أقعد فلم يطق القيام ومنهم من اعتقل لسانه فلم يطق الكلام ومنهم من أنكر موته بالكلية " .
لكن حزن الصحابة وعظيم المصاب لم يخرجهم عن الصبر والتصبر إلى النواح والجزع فعن قيس بن عاصم قال حين موته: " لا تنوحوا عليَّ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يُنَح عليه "
وقد اخبرنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عن اثر وفاته في قلوب المسلمين حيث قال صلى الله عليه وسلم :(يا أيها الناس: أيما أحد من الناس أو من المؤمنين أصيب بمصيبة فليتعز بمصيبته بي عن المصيبة التي تصيبه بغيري، فإن أحدا من أمتي لن يصاب بمصيبة بعدي أشد عليه من مصيبتي)
اي بمصيبة وفاته صلى الله عليه وسلم
اصبر لكـل مصيـبة وتجلَّد
واعلـم بأن المـرء غير مخلَّـد
واصبر كما صبر الكرام فإنها
نُوبٌ تنوب اليوم تكشف في غد
أو ما ترى أن المصائب جمـة
وترى المنيـة للعبـاد بمرصـد
فإذا أتتك مصيبة تشجى بها
فاذكر مصـابك بالنبي محمـد
هذه صورة وجيزة من صور حزن الصحابة رضي الله عنهم على فراق رسول الله صلى الله عليه وسلم
والحمد لله رب العالمين
جزاك الله خيرا
ردحذفجزاك الله خيرا
ردحذفوإياكم
حذف