بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
معركة عقرباء وتسمى اليمامة
هي من أشد المعارك التي خاضها المسلمون وقد سطروا بها اروع البطولات رغم أوضاع المسلمين الصعبة في هذا الوقت فبعد أن أرسل أبي بكر الصديق عكرمة بن أبي جهل وشرحبيل بن حسنة الى بني حنيفة وعدم قدرتهم على النصر لأن عدد جيش اليمامة قرابة أربعين الف مقاتل
بعث الصديق خالد ابن الوليد فَلَمَّا سَمِعَ مُسَيْلِمَةُ بِقُدُومِ خَالِدٍ عَسْكَرَ بِمَكَانٍ يقال له:عقربا فِي طَرَفِ الْيَمَامَةِ وَالرِّيفُ وَرَائهم ، وَاستنفر قومه وحثهم على القتال، فستنفرت لَهُ أَهْلَ الْيَمَامَةِ، وَوضع عَلَى ميمنة وميسرة جَيْشِهِ الْمُحْكَمَ بْنَ الطُّفَيْلِ
وقد جعل خالد على المقدمة شرحبيل بن حَسَنَةَ، وَعَلَى الميمنة والميسرة زَيْدًا وَأَبَا حُذَيْفَةَ، وَفي الليل مَرَّ بمقدمة الجيش نَحْوٍ مِنْ أَرْبَعِينَ، وَقِيلَ سِتِّينَ فَارِسًا، عَلَيْهِمْ مُجَّاعَةُ بْنُ مُرَارَةَ، فأخذوهم فلما جيء بهم إلى خالد إعْتَذَرُوا إِلَيْهِ فَلَمْ يُصَدِّقْهُمْ، وَأَمَرَ بِضَرْبِ أَعْنَاقِهِمْ كُلِّهِمْ، سِوَى مُجَّاعَةَ فَإِنَّهُ اسْتَبْقَاهُ مُقَيَّدًا عِنْدَهُ- لِعِلْمِهِ بِالْحَرْبِ وَالْمَكِيدَةِ- وَكَانَ سَيِّدًا فِي بَنِي حَنِيفَةَ، شَرِيفًا مُطَاعًا، فَلَمَّا تَوَاجَهَ الْجَيْشَانِ قَالَ مُسَيْلِمَةُ لِقَوْمِهِ: اليوم يوم الغيرة، اليوم إن هزمتم تستنكح النِّسَاءُ سَبِيَّاتٍ، وَيُنْكَحْنَ غَيْرَ حَظِيَّاتٍ، فَقَاتِلُوا عَنْ أَحِسَابِكُمْ وَامْنَعُوا نِسَاءَكُمْ، وَتَقَدَّمَ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى نَزَلَ بِهِمْ خَالِدٌ عَلَى كَثِيبٍ يُشْرِفُ عَلَى الْيَمَامَةِ، فَضَرَبَ بِهِ عَسْكَرَهُ، وَرَايَةُ الْمُهَاجِرِينَ مَعَ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَرَايَةُ الْأَنْصَارِ مَعَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ، وَالْعَرَبُ عَلَى رَايَاتِهَا، وَمُجَّاعَةُ بْنُ مُرَارَةَ مُقَيَّدٌ فِي الْخَيْمَةِ مَعَ أُمِّ تَمِيمٍ امْرَأَةِ خَالِدٍ، فَاصْطَدَمَ الْمُسْلِمُونَ وَالْمرتدون وفي هذه الجولة انْهَزَمَتِ الْأَعْرَابُ وتراجع المسلمون حَتَّى دَخَلَتْ بَنُو حَنِيفَةَ خَيْمَةَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَهَمُّوا بِقَتْلِ أُمِّ تَمِيمٍ،زوج خالد فأَجَارَهَا مُجَّاعَةُ وَقَالَ: نِعْمَتِ الْحُرَّةُ هَذِهِ، ثُمَّ اجتمع الصَّحَابَةُ وَقَالَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ: بِئْسَ مَا عَوَّدْتُمْ أَقْرَانَكُمْ، وَنَادَوْا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ: اخْلُصْنَا يَا خَالِدُ، فَخَلَصَتْ ثُلَّةٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَحَمِيَ البراء بن معرور- وَكَانَ إِذَا رَأَى الْحَرْبَ جْلِس على ظهر الرحال ثُمَّ يَثُورُ كَمَا يَثُورُ الْأَسَدُ، وَقَاتَلَتْ بَنُو حَنِيفَةَ قِتَالًا شديدا لم يرى مثله و الصَّحَابَةُ
يصيحون في الجموع وَيَقُولُونَ: يَا أَصْحَابَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، بَطَلَ السِّحْرُ الْيَوْمَ،
وحفر ثابت ابن قَيْسٍ لِقَدَمَيْهِ فِي الْأَرْضِ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ، وهو حامل لواء الأنصار بعد ما تَحَنَّطَ وَتَكَفَّنَ، فَلَمْ يَزَلْ ثَابِتًا حَتَّى قُتِلَ هُنَاكَ،
وَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ لِسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ: أَتَخْشَى أَنْ نُؤْتَى مِنْ قِبَلِكَ؟ فَقَالَ:بِئْسَ حَامِلُ الْقُرْآنِ أَنَا إِذًا،
وَقَالَ زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ: أَيُّهَا النَّاسُ عَضُّوا عَلَى أَضْرَاسِكُمْ وَاضْرِبُوا فِي عَدُوِّكُمْ وَامْضُوا قُدُمًا، وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَتَكَلَّمُ حَتَّى يَهْزِمَهُمُ اللَّهُ أَوْ أَلْقَى اللَّهَ فَأُكَلِّمَهُ بِحُجَّتِي، فَقُتِلَ شَهِيدًا رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ وَقَالَ أَبُو حُذَيْفَةَ: يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِالْفِعَالِ، وَحَمَلَ على العدو حَتَّى أَبْعَدَهُ وَأُصِيبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،
وَانطلق خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ حتى جاوز جيش مسيلمة،وبحث عنه لعله يلقاه فيقتله ثم رجع ثم وقف بين الجيشين ودعا للمبارزة وكان لا يبارز احدا إلا قته ولا يدنو منه احد الا ضربه وَتقدم الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ اقْتَرَبَ مِنْ مُسَيْلِمَةَ فَعَرَضَ عَلَيْهِ الرُّجُوعَ إِلَى الْحَقِّ، فَجَعَلَ مُسَيْلِمَةَ يَلْوِي عُنُقَهُ، ولَا يَقْبَلُ مِنْهُ شَيْئًا، فَانْصَرَفَ عَنْهُ خَالِدٌ
وَقَدْ مَيَّزَ خَالِدٌ بين المقاتلين في جيشه فجعل المهاجرين تحت راية والأنصار نحت راية وكل قبيلة من الأعراب تقاتل تحت راية حَتَّى يَعْرِفَ النَّاسُ مِنْ أَيْنَ يُؤْتَوْنَ،
وَصَبَرَة الصَّحَابَةُ فِي هَذَا الْمَعركة صَبْرًا لَمْ يُعْهَدْ مثله، ولا يزالون يتقدمون إِلَى نُحُورِ عَدُّوِهِمْ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، وَوَلَّى الْمرتدون الْأَدْبَارَ، وَاتَّبَعهم المسلمون يُقَتِّلُونَ بهم، حَتَّى ألجئوهم إِلَى حَدِيقَةِ الْمَوْتِ، وَقَدْ أَشَارَ عَلَيْهِمْ مُحَكَّمُ الْيَمَامَةِ وَهُوَ مُحَكَّمُ بْنُ الطُّفَيْلِ بِدُخُولِهَا، فَدَخَلُوهَا وَفِيهَا عَدُوُّ اللَّهِ مُسَيْلِمَةُ، وَأَستطاع عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ان يرمي مُحَكَّمُ بْنُ الطُّفَيْلِ بِسَهْمٍ فِي عُنُقِهِ وَهُوَ يَخْطُبُ فَقَتَلَهُ، وَأَغْلَقَتْ بَنُو حَنِيفَةَ الْحَدِيقَةَ عَلَيْهِمْ، وَأَحَاطَ بِهِمُ الصَّحَابَةُ، وَقَالَ الْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ:
يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ أَلْقُونِي عَلَيْهِمْ فِي الحديقة، فحملوه فوق الجحف وَرَفَعُوهَا بِالرِّمَاحِ حَتَّى أَلْقَوْهُ عَلَيْهِمْ مِنْ فَوْقِ سُورِهَا، فَلَمْ يَزَلْ يُقَاتِلُهُمْ دُونَ بَابِهَا حَتَّى فَتَحَهُ، وَدَخَلَ الْمُسْلِمُونَ الْحَدِيقَةَ مِنْ حِيطَانِهَا وَأَبْوَابِهَا يَقْتُلُونَ مِنْ فِيهَا مِنَ الْمُرْتَدَّين مِنْ أَهْلِ الْيَمَامَةِ، حَتَّى خَلَصُوا إِلَى مُسَيْلِمَةَ وفإِذَا هُوَ وَاقِفٌ فِي ثُلْمَةِ جِدَارٍ كَأَنَّهُ جمل أورق، فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ وَحْشِيُّ بْنُ حَرْبٍ قاتل حمزة فرماه بحزبته فَأَصَابَهُ وخَرَجَتْ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ، وَسَارَعَ إِلَيْهِ أَبُو دُجَانَةَ سِمَاك فَضَرْبَهُ بِالسَّيْفِ فَسَقَطَ، فَنَادَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْقَصْرِ: وَا أَمِيرَ المؤمنين قَتَلَهُ الْعَبْدُ الْأَسْوَدُ، وقد قتل من المرتدين في هذه المعركة قَرابة عَشَرَةِ آلَافِ مُقَاتِلٍ، وَقِيلَ: أَحَدا وَعِشْرُونَ أَلْفًا، وَقُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ سِتُّمِائَةٍ، وَقِيلَ: خَمْسُمِائَةٍ، واللَّه أَعْلَمُ، وَفِيهِمْ مِنْ كبار الصَّحَابَةِ،
ثُمَّ بَعَثَ خَالِدٌ الْخُيُولَ حَوْلَ الْيَمَامَةِ يَلْتَقِطُونَ مَا حَوْلَ حُصُونِهَا مِنْ مَالٍ وَسَبْيٍ،
ثُمَّ عَزَمَ عَلَى غَزْوِ الْحُصُونِ وَلَمْ يَكُنْ بَقِيَ فِيهَا إِلَّا النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ وَالشُّيُوخُ الْكِبَارُ، فَخَدَعَهُ مُجَّاعَةُ فَقَالَ: إِنَّهَا مَلْأَى رجالا ومقاتلة فهلم فصالحني عنها، فَصَالَحَهُ خَالِدٌ لِمَا رَأَى بِالْمُسْلِمِينَ مِنَ الْجَهْدِ ، فَقَالَ: دَعْنِي حَتَّى أَذْهَبَ إِلَيْهِمْ لِيُوَافِقُونِي عَلَى الصُّلْحِ، فَقَالَ: اذْهَبْ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ مُجَّاعَةُ فَأَمَرَ النِّسَاءَ أَنْ يَلْبَسْنَ الْحَدِيدَ وَيَبْرُزْنَ عَلَى رُءُوسِ الْحُصُونِ، فَنَظَرَ خَالِدٌ فَإِذَا الشُّرُفَاتُ مُمْتَلِئَةٌ مِنْ رُءُوسِ الناس فظنهم كما قال مجاعة فانتظر الصلح، وَدَعَاهُمْ خَالِدٌ إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمُوا عَنْ آخِرِهِمْ وَرَجَعُوا إِلَى الْحَقِّ وَرَدَّ عَلَيْهِمْ خَالِدٌ بَعْضَ مَا كَانَ أَخَذَ مِنَ السَّبْيِ، وَسَاقَ الْبَاقِينَ إِلَى الصِّدِّيقِ،
فكانت هذ المعركة من اشرس المعارك في حروب الردة وقد نصر الله المسلمين على عدوهم واظفرهم عليهم وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم
والحمد لله رب العالمين
جزاك اللله خيرا
ردحذفوإياكم
حذفجزاك اللله خيرا
ردحذفوإياكم
حذف