بسم الله الرحمن الرحيم
هل الخنزير نجس وما الأدلة على ذلك وكيف تزال نجاسته وهل يجوز التداوي به وبأجزائه
نجاسة الخنزير
الخنزير نجس بجميع أجزائه نجاسة عينية حتى ما أنفصل عنه كلعابه وعرقه وهو قول الجمهور الحنفية والشافعية والحنابلة وقول للمالكية وقد حكي الإجماع على ذلك
والدليل قوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ}
[الأنعام: 145].
والرِّجسُ بمعنى النَّجِس
قال النوويُّ: (نقَل ابن المُنذِر في كتاب الإجماع إجماعَ العلماءِ على نجاسة الخِنزير، وهو أوْلى ما يُحتجُّ به لو ثبت الإجماعُ، ولكن مذهَب مالك طهارةُ الخِنزيرِ ما دام حيًّا).
((المجموع)) (2/568)
وقال ابنُ حزم: (اتَّفقوا أنَّ لحم الميتةِ وشَحمَها ووَدَكَها وغُضروفَها ومُخَّها، وأنَّ لحم الخنزير وشحمَه ووَدَكَه وغُضروفَه ومخَّه وعصَبَه، حرامٌ كلُّه، وكلُّ ذلك نجِسٌ).
((مراتب الإجماع)) (ص: 23).
وقال ابن رشد: (وأمَّا أنواعُ النَّجاسات، فإنَّ العلماء اتَّفقوا من أعيانها على أربعة: ميتةِ الحيوان ذي الدَّمِ الذي ليس بمائي، وعلى لحمِ الخِنزير بأيِّ سببٍ اتَّفق أن تذهَبَ حياتُه).
((بداية المجتهد)) (1/83).
وقال ابن قُدامة: (وحُكمُ الخِنزير حُكمُ الكَلبِ؛ لأنَّ النصَّ وقَعَ في الكَلبِ، والخِنزيرُ شرٌّ منه وأغلَظُ؛ لأنَّ الله تعالى نصَّ على تحريمه، وأجمَع المسلمون على ذلك، وحرُم اقتناؤه).
((المغني)) (1/42).
كيفية التطهير من نجاسة الخنزير
تزال عين النجاسة وتغسل كما تغسل باقي النجاسات فالأصلُ المعتبَرُ في ذلك هو زوالُ النَّجاسةِ، فمتى ما زالت، زال حُكمُها وهذا قول الحنفية في ((المبسوط)) للسرخسي (1/48)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/63). والمالكية في((حاشية الدسوقي)) (1/78)، وينظر: (بداية المجتهد)) لابن رشد (1/29-30). والقول القديم للشافعية في((روضة الطالبين)) للنووي (1/32)، ((المجموع)) للنووي (2/586). ورواية عن أحمد بن حنبل في((الفروع)) لابن مفلح (1/316)، ((الإنصاف)) للمرداوي (1/224). وبهذا قال النووي في ((المجموع)) (2/586). وابن حزم في ((المحلى)) (1/123).
قال ابن حزم: (أمَّا قياسُ الخِنزير على الكلبِ، فخطأٌ ظاهر- لو كان القياس حقًّا- لأنَّ الكلبَ بعضُ السِّباعِ، لم يُحرَّم إلَّا بعمومِ تَحريمِ لُحومِ السِّباع فقط، فكان قياسُ السِّباع وما وَلَغَت فيه على الكَلبِ الذي هو بعضُها، والتي يجوز أكْلُ صيدِها إذا عُلِّمَت، أوْلى من قياسِ الخِنزير على الكَلبِ، وكما لم يجُزْ أنْ يُقاسَ الخنزير على الكلبِ في جواز اتِّخاذه وأكْل صيدِه، فكذلك لا يجوزُ أن يُقاس الخنزيرُ على الكلب في عددِ غَسْلِ الإناءِ مِن وُلوغِه). ((المحلى)) (1/123).
قال النوويُّ: (اعلَم أنَّ الرَّاجِحَ من حيث الدليلُ أنَّه يَكفي غسلةٌ واحدةٌ بلا ترابٍ، وبه قال أكثرُ العلماءِ الذين قالوا بنجاسة الخِنزيرِ، وهذا هو المختار؛ لأنَّ الأصلَ عدمُ الوجوبِ حتى يرِدَ الشَّرعُ، لا سيَّما في هذه المسألة المبنيَّة على التعبُّد). ((المجموع)) (2/586).
حكم التداوي بالخنزير وبأجزائه
لا يجوز التداوي بالخنزير ولا بأجزائه
عن أبي هُريرةَ رَضِي اللهُ قال: "نَهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم عَن الدَّواءِ الخَبيثِ"
أخرجه أبو داود (3870)، والترمذي (2045)، وابن ماجه (3459)، وأحمد (8048)
الخبيثُ: هو النَّجِسُ أو الحرامُ، أو ما يَنفِرُ عنه الطَّبعُ
عن أبي وائلٍ، أنَّ رجلًا أصابه الصَّفَر فنُعِت له السَّكَر فسأل عبدَ الله عن ذلك، فقال: (إنَّ اللهَ لم يجعلْ شِفاءَكم فيما حرَّمَ عليكم )
الألباني (غاية المرام)
الصَّفَر: هو اجتماعُ الماءِ في البَطنِ، كما يَعرِض للمُستسقى. والصَّفَر أيضًا: دودٌ يقعُ في الكَبِد وشراسيف الأضلاع، فيَصفَرُّ عنه الإنسانُ جدًّا، وربما قتَلَه. ((النهاية)) لابن الأثير (3/36).
السَّكَر: (بفتَح السِّين والكافِ): الخَمرُ المُعتَصِر من العِنَب. انظر: ((النهاية)) لابن الأثير (2/383).
والله أعلم
والحمد لله رب العالمين
تعليقات
إرسال تعليق