بسم الله الرحمن الرحيم
هل دم الإنسان والحيوان نجس أم طاهر وما أقوال المذاهب الأربعة في حكم الدم وما أدلة من قال أن الدم طاعر مطلقا
حكم دم الإنسان أو الحيوان
الدم المسفوح الخارج من الإنسان أو الحيوان نجس والدم المسفوح هو الدم الذي يخرج من الدابة عند ذبحها وهو الدم المراق الذي يسيل بقوة
ومن الأدلة على نجاسة الدم المسفوح
1. قال الله تعالى: ( قُل لاَّ أَجِدُ فِيمَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )الأنعام/145 .
قال الإمام الطبري رحمه الله :الرجس : النجس والنتنجامع البيان(8/53) .
2. سئل الإمام أحمد عن الدم وقيل له : الدم والقيح عندك سواء ؟
فقال : الدم لم يختلف الناس فيه ، والقيح قد اختلف الناس فيه "شرح عمدة الفقه لابن تيمية (1/105) .
3. قال الإمام النووي رحمه الله :" الدلائل على نجاسة الدم متظاهرة ، ولا أعلم فيه خلافا عن أحد من المسلمين ، إلا ما حكاه صاحب الحاوي عن بعض المتكلمين أنه قال : هو طاهر ، ولكن المتكلمين لا يعتد بهم في الإجماع والخلاف على المذهب الصحيح الذي عليه جمهور أهل الأصول من أصحابنا وغيرهم لا سيما في المسائل الفقهيات
المجموع(2/576) .
4. نقل إجماع العلماء على نجاسة الدم كله جماعة كبيرة من أهل العلم ، الإمام أحمد ، والنووي ، ومنهم ابن حزم في "مراتب الإجماع" (ص/19) ، وابن عبد البر في "التمهيد" (22/230) ، والقرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (2/210) ، وابن رشد في "بداية المجتهد" (1/79) ، وابن حجر في "فتح الباري" (1/352) وغيرهم .
أقوال المذاهب الأربعة في حكم الدم
1. المذهب المالكي: فالدم المسفوح عندهم نجس، سواء كان من سمك، أم آدمي، أم غيرهما، مع العفو عن يسيره، ولو خرج من السبيلين ولا فرق بين دم الحيض، وغيره.
ودليل العفو عن اليسير من الدماء عندهم، هو رفع الحرج، والإصر الكائن في التحرز من قليل الدم، وقد قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} {الحج:78}.وما تبقى في عروق المذكاة، أو عظامها من الدم، فهو طاهر؛ لقول عائشة -رضي الله عنها-: (كنا نطبخ البرمة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، تعلوها الصفرة من الدم، فنأكل، ولا ننكره). هكذا أورد القرطبي هذا الأثر. وقد أخرجه الطبري في تفسيره من طريقين عن القاسم، عن عائشة بنحوه، وليس فيه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما الدم المصبوب في جوف الذبيحة، مما ليس في عروقها، فألحقوه بالدم المسفوح، كما ألحقوا دم القلب بدم العروق، على المشهور في هذين الأخيرين
2. المذهب الحنفي: هو قريب من مذهب المالكية، إلا أن الأحناف يقولون بطهارة دم البراغيث، والبق، ونحوهما، مما ليست له نفس سائلة.
3. المذهب الشافعي: فإن الدم المسفوح عندهم نجس، سواء كان من آدمي، أم من غيره، إلا أنه يعفى عندهم عن يسيره، كما يعفى عن دم الجروح، ولو كان كثيرًا؛ شريطة أن يكون من الإنسان نفسه، وأن لا يكون بفعله، وتعمده، وأن لا يتجاوز محله المعتاد وصوله إليه.
ويعفى أيضًا عندهم عن دم البراغيث، والقمل، ونحوهما، مما ليست له نفس سائلة، فيعفى عنه في الثوب، والبدن؛ لعسر التحرز منه عادة.
4. المذهب الحنبلي: فالدم عندهم ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
*طاهر.
*نجس لا يعفى عن شيء منه.
*نجس يعفى عن يسيره.
فالطاهر هو: دم البعوض، والذباب، ونحو ذلك مما لا يسيل، ودم عروق المذكاة، ودم الشهيد، الذي لم ينفصل عنه؛ (لأمره صلى الله عليه وسلم بدفن الشهداء في دمائهم). أخرجه البخاري عن جابر -رضي الله عنه-.
والدم النجس الذي لا يعفى عن شيء منه، هو: كل دم خرج من حيوان نجس، أو خرج من السبيلين من الآدمي، فلو أصاب الإنسان منه قدر رأس إبرة، لزمه غسله.
وأما الدم الذي يعفى عن يسيره، فهو: دم الآدمي، أو غيره من الحيوانات الطاهرة، هذا هو مشهور المذهب.
ذهب بعض العلماء إلى اعتبار الدم طاهر مطلقا ومن أدلتهم
1. أن الأصل في الأشياء الطهارة؛ حتى يقوم دليل النجاسة، ولا نعلم أنه صلى الله عليه وسلم أمر بغسل الدم، إلا دم الحيض، مع كثرة ما يصيب الإنسان من جروح، ورعاف، وحجامة، وغير ذلك، ولو كان نجسًا؛ لبيّن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم؛ لدعاء الحاجة إلى بيانه.
2. أن المسلمين ما زالوا يصلون في جراحاتهم في القتال، وقد يسيل منهم الدم الكثير، ولم يرد عنه صلى الله عليه وسلم أنه أمرهم بغسله، ولم يرد أنهم كانوا يتحرزون منه تحرزهم من النجاسات.
3. أن ميتة الآدمي طاهرة، وأجزاؤها طاهرة، فلو قطعت يده، لكانت طاهرة، مع أنها تحمل دمًا، وربما كان كثيرًا، وإذا كانت ميتة الآدمي طاهرة، أو جزؤه الذي هو ركن في بنيته، فإن الدم من باب أولى
والدليل على طهارة ميتة الآدمي: قوله صلى الله عليه وسلم: (إن المؤمن لا ينجس). متفق عليه.
4. وأما قياسه على دم الحيض، فإنه لا يتم؛ لما بينهما من الفروق.
والراجح والله أعلم هو قول الجمهور للأدلة المذكورة سابقا والله أعلم
والحمد لله رب العالمين
تعليقات
إرسال تعليق