القائمة الرئيسية

الصفحات

أحكام الطهارة حكم قيء الكبير و قيء الرضيع

 بسم الله الرحمن الرحيم



هل القيء نجس أم طاهر وما الأدلة على ذلك وما حكم القيء الغير منحل في المعدة وما حكم قيء الرضيع 


أولا: تعريف القيء

القيء : "هو الْخَارِجُ مِنَ الطَّعَامِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِهِ فِي الْمَعِدَةِ " .

الموسوعة الفقهية(34/85).


للقيء حالتان: الأولى أن يخرج من المعدة ليس متغير الأوصاف بأن يكون الطعام على حاله والثانية أن يخرج من المعدة وقد انحل بها وتغيرت أوصاف الطعام كاللون والرائحة والطعم


أما إذا كان القيء في حالته الثانية أي منحل في المعدة و متغير الأوصاف فمذهب عامة العلماء من السلف والخلف أنه نجس ، وهو قول المذاهب الأربعة ، والظاهرية ، وشيخ الإسلام ابن تيمية ، وابن القيم ، وغيرهم وأما إن كان القيء لم ينحل في المعدة ولم تتغير أوصافه فذهب جمهور العلماء إلى أنه نجس الحنفية والشافعية والحنابلة أما  المالكية فذهبوا إلى التفريق بين أن يكون القيء متغيرا قد طبخته المعدة فيكون نجسا، وأن يكون غير متغير فيكون طاهرا, وهذا القول وجيه جدا، ولا بأس في الأخذ به وبخاصة في حال المشقة الظاهرة.


جاء في الموسوعة الفقهية: اختلفت الآراء في طهارة القيء ونجاسته . فيقول الحنفية والشافعية والحنابلة بنجاسته ولكل منهم تفصيله, وبذلك يقول المالكية في المتغير عن حال الطعام ولو لم يشابه أحد أوصاف العذرة. انتهى.


ومن الأدلة على نجاسة القيء 

1. قال ابن حزم : " وَالْقَيْءُ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ حَرَامٌ يَجِبُ اجْتِنَابُهُ ؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْعَائِدِ فِي قَيْئِه)

المحلى (1/191) 

2.قال ابن قدامة : " القيء نجس ؛ لأنه طعام استحال في الجوف إلى الفساد ، فأشبه الغائط ".

الكافي (1/153).

3. قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " وَالْقَيْءُ نَجِسٌ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَاءَ فَتَوَضَّأَ) وَسَوَاءٌ أُرِيدَ غَسْلُ يَدِهِ أَوِ الْوُضُوءُ الشَّرْعِيُّ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إِلَّا عَنْ نَجَاسَةٍ " .

شرح عمدة الفقه(1/108) ، وينظر: مجموع الفتاوى(21/597).

4. قال أبو الفضل الموصلي: " وَكُلُّ مَا يَخْرُجُ مِنْ بَدَنِ الْإِنْسَانِ وَهُوَ مُوجِبٌ لِلتَّطْهِيرِ فَنَجَاسَتُهُ غَلِيظَةٌ كَالْغَائِطِ وَالْبَوْلِ وَالدَّمِ وَالصَّدِيدِ وَالْقَيْءِ ، وَلَا خِلَافَ فِيهِ ".

الاختيار لتعليل المختار(1/ 32).

5. وفي فتاوى اللجنة الدائمة : " القيء نجس ، سواء كان من صغير أو كبير ؛ لأنه طعام استحال في الجوف إلى الفساد ، أشبه الغائط والدم ، فإذا أصاب الثوب أو غيره وجب غسله بالماء مع الفرك والعصر حتى تذهب عين النجاسة وتزول أجزاؤها وينقى المحل" .

فتاوى اللجنة الدائمة(4/193) .


من أقوال المالكية على أن القيء الغير منحل في المعدة طاهر

1. قال القرافي : " الْقَيْءُ وَالْقَلْسُ طَاهِرَانِ إِنْ خَرَجَا عَلَى هَيْئَةِ طَعَامٍ " .

الذخيرة(1/185) .
2. ينظر: " الحطاب على مختصر خليل" (1/94) ، "حاشية الصاوي على الشرح الصغير" (1/70).
3. قال النووي : " نجاسة القيء متفق عليها ، وسواء فيه قيء الآدمي وغيره من الحيوانات .. وسواء خرج القيء متغيراً أو غير متغير ، وقيل : إن خرج غير متغير فهو طاهر ، وهو مذهب مالك"
المجموع شرح المهذب (2/551) .

حكم قيء الرضيع

قال ابن القيم : " هَذِه الْمَسْأَلَة مِمَّا تعم بِهِ الْبلوى ، وَقد علم الشَّارِع أَن الطِّفْل يقيء كثيراً ، وَلَا يُمكن غسل فَمه ، وَلَا يزَال رِيقه ولعابه يسيل على من يربيه ويحمله ، وَلم يَأْمر الشَّارِع بِغسْل الثِّيَاب من ذَلِك ، وَلَا منع من الصَّلَاة فِيهَا ، وَلَا أَمر بالتحرز من ريق الطِّفْل .
فَقَالَت طَائِفَة من الْفُقَهَاء : هَذَا من النَّجَاسَة الَّتِي يُعْفَى عَنْهَا للْمَشَقَّة وَالْحَاجة ، كطين الشوارع ، والنجاسة بعد الِاسْتِجْمَار ، ونجاسة أَسْفَل الْخُف والحذاء بعد دلكهما بِالْأَرْضِ .
وَقَالَ شَيخنَا وَغَيره من الْأَصْحَاب : بل ريق الطِّفْل يُطهِّر فَمه للْحَاجة ، كَمَا كَانَ ريق الْهِرَّة مطهرا لفمها ، وَقد أخبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّهَا لَيست بِنَجس مَعَ علمه بأكلها الفأر وَغَيره ، وَقد فهم من ذَلِك أَبُو قَتَادَة طَهَارَة فمها وريقها ، وَكَذَلِكَ أصغى لَهَا الْإِنَاء حَتَّى شربت ... فالريق مطهر فَم الْهِرَّة وفم الطِّفْل للْحَاجة " .
تحفة المودود بأحكام المولود(صـ 218).

القول بأن القيء طاهر مطلقا

وقد ذهب بعض المالكية و الشوكاني إلى طهارة القيء مطلقاً كما في " السيل الجرار" (1/43) ، وتبعه على هذا الشيخ الألباني والشيخ ابن عثيمين رحمهم الله . غير أن عامة العلماء على ما سبق .

ومن أدلتهم
1.أنَّ الأصلَ في الأشياءِ الطَّهارةُ، فلا يَنقُلُ عنها إلَّا ناقلٌ صحيحٌ لم يعارِضْه ما يساويه أو يُقدَّمُ عليه
2. أنَّه لم يأتِ دليلٌ صَحيحٌ على نَجاسَتِه، ولو كان نَجِسًا لجاء الشَّارِعُ ببيانِ ذلك؛ فإنَّه ممَّا تعُمُّ به البلوى

والله أعلم

والحمد لله رب العالمين
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات