بسم الله الرحمن الرحيم
((فضل الخلق الحسن))
الأخلاق ومكانتها في الإسلام:
إن للأخلاق فضلٌ عظيم وأجرٌ جسيم، فهي نعمةٌ عظيمة، وَمِنَّةٌ جسيمة، نعمة كبرى، ومنحة عظمى، شأنها عظيم، ونفعها عميم، لها فضائل لا تحصى، وثمرات لا تعد، ولها أهمية كبرى، وثمرات جليلة، وفضائل عظيمة، وأسرار بديعة، وهي طريق النجاة، وسلم الوصول، ومطلب العارفين، ومطية الصالحين، وهي روح الأعمال ومحك الأحوال، والحامل على اقتحام الأهوال، وهي الباب الذي يدخل منه الواصلون إلى حضرة ذي الجلال.
قال الله تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [القلم:4].
قال ابن عباس و مجاهد: لعلى دينٍ عظيم وهو دين الإسلام. فالخلق أطلق على الدين كله، وهو ما كان يأمر به صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أمر الله وينهى عنه من نهي الله، والمعنى: إنك لعلى الخلق الذي آثرك الله به في القرآن، ولذلك كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُلُقُه القرآن بنص السنة الصحيحة كما في الحديث الآتي:
لحديث عائشة رضي الله عنها الثابت في صحيح الجامع قالت: (كان خُلُقٌه القرآن).
عن أنس رضى الله عنه قال: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أحسن الناس خلقا.)
وهناك أحاديث كثيرة واردة عن حسن الخلق منها:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل عن أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ قال: (تقوى الله وحسن الخلق , وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار؟ قال الفم والفرج.)
رواه الترمذي وابن ماجة
عن جابر رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (إن من أحبكم إلي و أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا و إن من أبغضكم إلي و أبعدكم مني مجلساً يوم القيامة الثرثارون و المتشدقون و المتفيهقون قالوا: يا رسول الله قد علمنا الثرثارون والمتشدقون فما المتفيهقون؟ قال: المتكبرون.)
صحيح الترمذي
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: (سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال: تقوى الله وحسن الخلق، وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار فقال: الفم والفرج) .
رواه الترمذي وأحمد وابن حبان قال الترمذي: صحيح غريب. وحسنه الألباني في ((صحيح الترغيب)) (2642).
رُوي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أنه قال: ( لَمْ يَكُنِ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَاحِشًا ولَا مُتَفَحِّشًا، وكانَ يقولُ: إنَّ مِن خِيَارِكُمْ أحْسَنَكُمْ أخْلَاقًا ).
صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمرو
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنَّ مِن أحبِّكم إليَّ وأقربِكُم منِّي مجلسًا يومَ القيامةِ أحاسنَكُم أخلاقًا ).
رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن جابر بن عبد الله،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنَّ المؤمنَ ليُدْرِكُ بحُسْنِ خُلُقِه درجةَ الصَّائمِ القائمِ ).
رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عائشة أم المؤمنين
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما مِن شيءٍ أثقلُ في الميزانِ من حُسنِ الخُلُقِ).
رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن أبو الدرداء،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنَّ أكملَ أو من أكملِ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خُلقًا ).
رواه الألباني، ، عن عائشة و أبي هريرة،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحَبُّ عبادِ اللهِ إلى اللهِ أحسَنُهُمْ خُلُقًا).
رواه الألباني، في صحيح الجامع
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اتَّقِ اللهَ حيثُما كنتَ، وأَتبِعِ السَّيِّئَةَ الحسنةَ تمحُها، و خالِقِ الناسَ بخُلُقٍ حَسنٍ).
رواه الألباني، في صحيح الجامع أبي ذر الغفاري ومعاذ بن جبل وأنس بن مالك
((من فوائد حسن الخلق))
1ـ حسن الخلق من أفضل ما يقرّب العبد إلى الله تعالى.
2ـ إذا أحسن العبد خلقه مع النّاس أحبّه الله والنّاس.
3ـ حسن الخلق يألف النّاس ويألفه النّاس.
4ـ لا يكرّم العبد نفسه بمثل حسن الخلق ولا يهينها بمثل سوئه.
5ـ حسن الخلق سبب في رفع الدّرجات وعلوّ الهمم.
6ـ حسن الخلق سبب في حبّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والقرب منه يوم القيامة.
7ـ حسن الخلق يدلّ على سماحة النّفس وكرم الطّبع.
8ـ حسن الخلق يحوّل العدوّ إلى الصّديق
9ـ حسن الخلق سبب لعفو الله وجالب لغفرانه
10ـ يمحو الله بحسن الخلق السّيئات
11ـ يدرك المرء بحسن خلقه درجة الصّائم القائم
12ـ حسن الخلق من أكثر ما يدخل النّاس الجنّة
13ـ حسن الخلق يجعل صاحبه ممّن ثقلت موازينه يوم القيامة
14ـ حسن الخلق يحرّم جسد صاحبه على النّار
15ـ حسن الخلق يصلح ما بين الإنسان وبين النّاس
قال ابن القيّم رحمه الله : جمع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بين تقوى الله وحسن الخلق، لأنّ تقوى الله تصلح ما بين العبد وبين ربّه وحسن الخلق يصلح ما بينه وبين خلقه. فتقوى الله توجب له محبّة الله وحسن الخلق يدعو النّاس إلى محبّته.
16ـ وبالخلق الحسن يكثر المصافون ويقلّ المعادون
قال الماورديّ رحمه الله: إذا حسنت أخلاق الإنسان كثر مصافوه، وقلّ معادوه، فتسهّلت عليه الأمور الصّعاب، ولانت له القلوب الغضاب.
عن عبد الله بن المبارك رحمه الله تعالى في تفسير حسن الخلق، قال: هو طلاقة الوجه، وبذل المعروف، وكفّ الأذى
قال الإمام أحمد رحمه الله: حسن الخلق أن لا تغضب ولا تحقد.
أصول الأخلاق مجموعة في قوله تعالى: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) [الأعراف:199]
فليس هناك في القرآن أجمع لمكارم الأخلاق من هذه الآية، فهي «أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك»،
فهذه الآية أرشدت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يأخذ العفو من أخلاق الناس، ويقبل الاعتذار، ويعفو ويتساهل مع الناس، ويترك الاستقصاء والبحث والتفتيش عن أحوالهم.
إن موضوع الخلق من الموضوعات الإسلامية المهمة التي عليها يدور نجاح حياة المسلم، فكيف ينجح العَالِمُ في وظيفته إذا لم يكن على خلق
وكيف ينجح الزوج في حياته إذا لم يكن على خلق
وكيف ينجح الداعية في حياته إذا لم يكن على خلق
وكيف ينجح الأخ مع إخوانه إذا لم يكن على خلق
فالأخلاق عليها مدار نجاح الإنسان في هذه الحياة،
حتى قال بعض العلماء: إن الدين كله هو الخلق، ونحن نعيش أزمة أخلاق في واقعنا، سواءً على مستوى العلاقات الزوجية، أو المصلين في المساجد، أو الطلاب والمدرسين، أو الموظف والمراجعين، أو الجار وجيرانه.
والحمد لله رب العالمين
تعليقات
إرسال تعليق