القائمة الرئيسية

الصفحات

فضل التسبيح ومنافعه قي الدنيا والآخرة

 بسم الله الرحمن الرحيم



((فضل التسبيح))

إنَّ التسبيح له شأن عظيم ومكانة رفيعة؛ إذ هو أحد الكلمات الأربع التي وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنَّها خيرُ الكلام وأحبُّه إلى الله، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: "أحبّ الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر" (صحيح مسلم) 

وكلمة: سبحان الله، التي هي إحدى هؤلاء الكلمات لها شأن عظيم، فهي من أجلِّ الأذكار المقربة إلى الله، ومن أفضل العبادات الموصلة إليه، وقد جاء في بيان فضلها وشرفها وعِظم قدرها نصوصٌ كثيرة في الكتاب والسنة، 

بل إنَّ ما ورد في ذلك لا يُمكن حصرُه لكثرته وتعدّده، وقد ورد ذكر التسبيح في القرآن الكريم أكثر من ثمانين مرة، بصِيغ مختلفة وأساليب متنوِّعة، 

فورد  بلفظ الأمر كما في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} (سورة الاحزاب 42،43)

وتارة بلفظ الماضي كما في قوله تعالى: {سَبَّحَ للهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ} (الحشراية1)

 وأخرى بلفظ المضارع كما في قوله تعالى: {يُسَبِّحُ للهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ المَلِكِ القُدُّوسِ العَزِيزِ الحَكِيمِ} ( الجمعة اية1)

وبلفظ المصدر كما في قوله تعالى: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلاَمٌ عَلَى المُرْسَلِينَ)(الصافات 180ـ181)

وقوله تعالى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ العَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا}

(غافرالآية1)


 وقوله: {فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِالَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لاَ يَسْأَمُونَ}

 (فصلت اية38)


 وقوله: {وَلَهُ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ عِندَهُ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ الليل والنهار لايفترون }

(الانبياء 20-19)


قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَى يَأْتِيَكَ اليَقِينُ

(الحجر اية98-99)


 وقوله: {وَمِنَ الَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً}

 ( الإنسان أية26)


وقوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً

(النصر أية3)


 وقوله  تعالى  عن يونس عليه السلام في إنجائه من ظلمات البحر وبطن الحوت لملازمته للتسبيح: { فَلَوْلَآ أَنَّهُۥ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ  لَلَبِثَ فِى بَطْنِهِۦٓ إِلٰى يَوْمِ يُبْعَثُونَ }

(سورة الصافات  143 : 144 )


فهذه النصوص القرآنية الكريمة وما جاء في معناها في كتاب الله تدل أوضح دلالة على جلالة قدر التسبيح، وعظيم شأنه من الدين، وأنَّه من أجَلِّ الأذكار المشروعة، ومن أنفع العبادات المقربة إلى الله عز وجل.

وقد دلّت السنة النبوية  أيضاً على فضل التسبيح وعظيم مكانته عند الله من وجوه كثيرة، بل إنَّ السنةَ مليئةٌ بالنصوص الدّالة على عظيم شأن التسبيح، وشريف قدره، وجزيل ثواب أهله، وبيان ما أعدّ الله لهم من أجورٍ كريمةٍ، وأفضالٍ عظيمةٍ، وعطايا جمَّةٍ.


مما ورد في التسبيح من السنة النبوية

عن  أبا ذرّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أُخبرُك بأحبِّ الكلام إلى الله؟ قلتُ: يا رسول الله أخبرني بأحبِّ الكلام إلى الله. قال: إنَّ أحبَّ الكلام إلى الله: سبحان الله وبحمده"  فدلّ هذا الحديث على عظيم مكانة هذه الكلمة عند الله عز وجل.

(صحيح مسلم)


ومِن فضائل التسبيح ما أخبر به النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنَّ مَن قال: سبحان الله وبحمده في يومٍ مائة مرّة حُطَّت عنه ذنوبُه ولو كثُرت. ففي الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "مَن قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرّة حُطَّت خطاياه وإن كانت مِثلَ زَبَدِ البحر"

 (صحيح مسلم)


وعن سمرة ابن جندب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أحبُّ الكلام إلى الله تعالى أربع ، لا يضرك بأيهن بدأت : سبحان الله ، والحمدلله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر
(صحيح مسلم)

وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنَّ من قالها في الصّباح مائة مرّة وفي المساء مائة مرّة، لم يأتِ أحدٌ يومَ القيامة بأفضلَ مما جاء به، إلاّ مَن قال مثل ذلك وزاد عليه.  عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن قال حين يُصبحُ وحين يُمسي: سبحان الله وبحمده مائة مرّة لم يأتِ أحدٌ يومَ القيامة بأفضلَ مما جاء به، إلاّ أَحدٌ قال مثل ما قال أو زاد عليه

(.صحيح مسلم)


وروى مسلم في صحيحه عن سعد بن أبي وقَّاص رضي الله عنه قال: كُنَّا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أيَعجزُ أحدُكم أن يكسب كلَّ يومٍ ألفَ حسنةٍ؟ فسأله سائلٌ من جلسائِه: كيف يكسب أحدُنا ألفَ حسنة؟ قال: يسبِّح مائة تسبيحة فيُكتبُ له ألفُ حسنةٍ أو يُحطُّ عنه ألفُ خطيئةٍ" .


ومما ورد في فضل التسبيح إخبار النبيِّ صلى الله عليه وسلم عن ثِقل التسبيح في الميزان يوم القيامة مع خفّة ويسر العمل به في الدنيا. ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلمتان حبيبتان إلى الرّحمن، خفيفتان على اللّسان، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم" (صحيح البخاري)


((مواطن التسبيح)) 

[التسبيح في الصلاة المفروضة وبعدها]

لقد جاء في  السنة بأن التسبيح في افتتاح الصلاة وأثناء القراءة في قيام الليل، وفي الركوع والسجود، وإذا انتهى من الصلاة فإنه يسبح الله ثلاثاً وثلاثين كما جاء ذلك في حديثٍ صحيح، يقول عليه الصلاة والسلام ((من سبح الله في دبر كل صلاةٍ ثلاثاً وثلاثين، وحمد الله ثلاثاً وثلاثين، وكبر الله ثلاثاً وثلاثين، فتلك تسعة وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على شيءٍ قدير؛ غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر).

فإذاً في أول الصلاة: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، وبعد نهاية الصلاة أول ذكر من الأذكار: سبحان الله، يبدأ به، ثلاثاً وثلاثين.

و في الركوع والسجود ، وأن التسبيح في الركوع بقوله: سبحان ربي العظيم، 

وفي السجود: سبحان ربي الأعلى مناسبٌ لحال المصلي، فإن المصلي عندما يكون في أنزل مكان وأخفض مكان ويضع جبهته على الأرض ويقول: سبحان ربي الأعلى، فيتذكر علو ربه، وهو في أخفض مكان.


[التسبيح في السفر]

لقد ورد في السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه كانوا إذا نزلوا في السفر في منخفضٍ من الأرض سبحوا الله تعالى: (كنا إذا صعدنا كبرنا، وإذا نزلنا سبحنا

(عن جابر بن عبد الله  ـ صحيح البخاري)


وقال ابن القيم رحمه الله وغيره إلى مناسبة هذا التسبيح، وهو أن الإنسان إذا نزل في منخفض فإنه يتذكر أن ينزه الله تعالى عن السفول وعن المواطن المنخفضة، وعن كل نقصٍ وعيبٍ، ويقدس ربه بهذا التسبيح، فإذا نزل قال: سبحان الله، وإذا ارتفع تذكر عظمة ربه وارتفاعه سبحانه وتعالى فكبرَ، يكبر الله ويذكر الكبير المتعال.


[التسبيح في الصباح والمساء]

 كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (من قال حين يصبح وحين يمسي: سبحان الله وبحمده مائة مرة لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به، إلا أحدٌ قال مثلما قال أو زاد عليه) رواه مسلمٌ 

قال الله تعالى: (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى) [طه:13]


[تنبيه الإمام في الصلاة بالتسبيح]

 لقد كان التسبيح منبهاً للإمام من قبل المأمومين، عن سهل بن سعد قال النبي صلى الله عليه و⁰سلم قال: (من نابه شيءٌ في صلاته فليقل: سبحان الله).رواه البخاري ومسلم والنسائي

عن أبي هريرة وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(وجعل التصفيق للنساء والتسبيح للرجال) (رواه ابن ابي شيبة) فإذا أخطأ الإمام وأراد المأموم أن ينبهه، فإنه يقول له: سبحان الله.


[ التسبيح عند الرعد ]

قد ورد فيه حديث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كنّا مع عمر رضي الله عنه في سفر، فأصابنا رعدٌ وبرد فقال لنا كعب رضي الله عنه: من قال حين يسمع الرعد: سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ثلاث مرات، عوفي من ذلك الرعد، قال: فقلنا فعوفينا) أخرجه الطبراني وحسنه ابن حجر رحمه الله


والحمد لله رب العالمين

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات