بسم الله الرحمن الرحيم
كانت قبيلتا شيبان وسدوس- من بني بكر بن وائل- تسكنان في القسم الجنوبي من العراق، وكان المثنى بن حارثة الشيباني يتزعم قبيلة شيبان ويغزو بها مناطق الحيرة، كما كان قطبة بن قتادة السدوسي يتزعم قبيلة سدوس ويغزو بها أطراف الأبلة التي كانت الميناء الرئيسي للعراق على الخليج العربي، ولم تكن هذه الحركات مرتبطة بالمدينة، بل كانت مستقلة ولذلك أرسل أبو بكر الصديق رضي الله عنه خالد بن الوليد وعياض بن غنم إلى العراق ليتوليا قيادة الجيوش فيه، على أن يفتح عياض دومة الجندل التي انتقضت على أبي بكر ثم يمضي إلى الحيرة، وأيهما دخل الحيرة قبل الآخر تولى القيادة العامة في العراق .
سبق خالد إلى العراق وضم إليه جيش المثنى وبدأ بتنظيم الجيوش فكانت أولى الوقائع بينه وبين الفرس في منطقة الحفير قرب الخليج العربي وقد انتصر فيها خالد على هرمز القائد الفارسي، وتسمى المعركة بذات السلاسل لأن الفرس اقترنوا بالسلاسل، كما تسمى غزوة كاظمة باسم القرية التي دارت قربها
وسنفرد حلقات خاصة خارج سلسلة الخلفاء الراشدين عن المعارك التي دارت في الفتح الإسلامي بإذن الله تعالى
وكان ملك الفرس في هذه المرحلة أردشير فحشد جيشاً بقيادة قارن فالتقى بجيش المسلمين بقيادة خالد في المذار وألحق المسلمون الهزيمة بالفرفرس وقتل منهم عدداً كبيراً وحاول الفرس بعد موقعة المذار الاستفادة من القبائل العربية وخاصة بكر بن وائل، فاحتشدوا في الولجة وانضم إليهم القائد الذي أرسله الملك أردشير، وتمكن خالد من هزيمتهم، فذهبت فلولهم إلى أُلَّيس ، فاجتمعت العرب بقيادة مالك بن قيس والفرس بقيادة بهمن جاذويه، لكن بهمن ترك جبهة القتال واتجه إلى العاصمة بسبب مرض أردشير حيث مات فيه، وترك جابان على الفرس، وتمكن خالد في ألَّيس من تشتيت العرب والفرس وفَّر جابان وقتل مالك بن قيس ثم سارع خالد إلى أمغيشيا فهدمها وكان الفرس منشغلين بالاضطراب في البلاط عقب موت أردشير حيث تعاقب على العرش بعده عدد من الأمراء والأميرات. وقد استفاد خالد من هذه الظروف فقصد الحيرة عاصمة العراق العربي من أمغيشيا بالسفن، وقد سد آزاذبة حاكم الحيرة الفارسي قناطر الفرات ليمنع سير السفن لكن خالد أعاد فتح السداد بالقوة وحاصر الحيرة، فتحصن سكانها العرب وقاوموا، وفرَّ آزاذبة، وبعد حصار عنيف صالح خالد سكان الحيرة على الجزية، واتخذ خالد الحيرة معسكراً لجيشه، وأرسل عدة حملات إلى أطراف الحيرة لإقرار الأمن فيها، وقد صالحه الدهاقين في المنطقة
وبعد فتح الحيرة اتجه خالد إلى الأنبار فحاصرها، وكانت محاطة بخندق فرمى فيه الإبل ليجتازه لكن شيرزاد الحاكم الفارسي صالحه على أن يسمح له بمغادرتها ثم اتجه خالد إلى عين التمر على أطراف بادية الشام حيث تجمعت قبائل تغلب والنمر وأياد والفرس بقيادة مهران بن بهرام فحاصرها حتى نزلوا على حكمه فقتل المقاتلة وغنم الأموال .
أما عياض بن غنم فبقي سنة كاملة يصارع خصومه من كلب وبهراء وغسان الذين نفروا إلى دومة الجندل بعد هزيمتهم أمام خالد بن الوليد، وكان زعيم أهل الدومة أكيدر بن عبد الملك الكندي الذي سرعان ما تخاذل عندما علم بنجدة خالد لعياض، وقيل أنه ترك الدومة قبل المعركة، أما القبائل العربية فقاتلت المسلمين خارج الحصن ثم فرت فتحصنت به ثم فتح خالد الدومة عنوة وقتل من بداخلها من المقاتلين. وكانت الدومة مفتاح بلاد الشام والعراق لذلك حرص المسلمون على الاستيلاء عليها
وقد استغل العرب والفرس غياب خالد عن الحيرة فثاروا فيها، فلما رجع خالد أخضعها وباغت قبائل تغلب، وأرسل القعقاع إلى حصيد حيث تجمعات الفارين من الحيرة عرباً وفرساً فهزمهم ، ولجأوا إلى بلدة الخنافس ففتحها المسلمون، كما باغت خالد قبائل هذيل في المصيِّخ، وبذلك أعاد سيطرة المسلمين على سائر العراق العربي . ثم قصد خالد إلى الفِراض وهو تخوم العراق والشام
والجزيرة فاجتمع عليه العرب والفرس والروم فقاتلهم وانتصر عليهم ، ثم رجع إلى الحيرة حيث جاءه أمر من أبي بكر الصديق رضي الله عنه أن يأخذ نصف الجيش ويتجه إلى الشام لمساعدة المسلمين هناك ضد الروم، وبقي المثنى بالنصف الآخر في العراق ولم تستقر قدم الفاتحين في المناطق المفتوحة،في العراق بل كان السكان وخاصة نصارى العرب يثورون عليهم فقد أعيد فتح الحيرة ثلاث مرات. وهذا يفسر أسباب تغير شروط الصلح مرات عديدة في مناطق السواد.
وهنا لنا ملاحظة
١ - لم يشرك الصديق رضي الله عنه أحداً من المرتدين في الفتوح، بل جردهم من السلاح لأنه لم يأمنهم لحداثة عهدهم بالردة، وعقوبةً لهم بإظهار الاستغناء عنهم، ثم لأنه لم يشأ أن يكونوا طلائع الفتح الاسلامي لانهم لن يعطو سكان المناطق الم المثل الصالح للجندي المسلم.
هذا سرد وجيز لابرز الفتوحات في عصر ابو بكر الصديق رضي الله عنه
والحمد لله رب العالمين
جزاك الله خيرا
ردحذفجزاك الله خيرا
ردحذفوإياكم
حذف