بسم الله الرحمن الرحيم
((تلبس إبليس في ترك السنن))
قد لبس إبليس على قوم فتركوا كثيرا من السنن لواقعات وقعت لهم فمنهم من كان يتخلف عن الصف الأول ويقول إنما أراد قرب القلوب
ومنهم من لم ينزل يدا على يد في الصلاة وقال أكره أن أظهر من الخشوع ما ليس في قلبي.
وهذا أمر أوجبه قلة العلم ففي الناس ما لهم في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا وفي أفراد مسلم من حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وأما وضع اليد على اليد فسنة ) رواه مسلم
روى أبو داود في سننه أن ابن الزبير قال : وضع اليد على اليد من السنة وإن ابن مسعود كان يصلي فوضع يده اليسرى على اليمنى فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده اليمنى على اليسرى
قال ابن الجوزي: ولا يكبرن عليك إنكارنا على من قال : أراد قرب القلوب ولا أضع يدا على يد وإن كان من الأكابر ،فإن الشرع هو المنكر لا نحن
وقد قيل لأحمد بن حنبل رحمة الله عليه أن ابن المبارك يقول : كذا وكذا فقال : إن ابن المبارك لم ينزل من المساء
وقيل له إبراهيم بن أدهم فقال : جئتموني ببينات الطريق عليكم بالأصل فلا ينبغي أن يترك الشرع لقول معظم في النفس فإن الشرع أعظم والخطأ في التأويل على الناس يجري ومن الجائز أن تكون الأحاديث لم تبلغه .
وقد لبس إبليس على بعض المصلين في مخارج الحروف فتراه يقول الحمد الحمد فيخرج بإعادة الكلمة عن قانون أدب الصلاة وتارة يلبس عليه في تحقيق التشديد وتارة في إخراج ضاد المغضوب ولقد رأيت من يقول المغضوب فيخرج بصاقه مع إخراج الضاد لقوة تشديده وإنما المراد تحقيق الحرف فحسب : وهذا من إبليس ليشغلهم بالمبالغة في الحروف عن فهم التلاوة .
وعن سعيد بن عبد الرحمن بن أبي العمياء أن سهل بن أبي أمامة حدثه : أنه دخل هو وأبوه على أنس بن مالك رضي الله عنه وهو يصلي صلاة خفيفة كأنها صلاة مسافر فلما سلم قال يرحمك الله أرأيت هذه الصلاة المكتوبة كصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أم شيء تنفلته قال : إنها لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أخطأت إلا شيئا سهوت عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : (لا تشددوا على أنفسكم فيشدد الله عليكم فإن قوما شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم فتلك بقاياهم في الصوامع والديورات { رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم } )
وفي حديث عثمان بن أبي العاص قال :( قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذاك الشيطان يقال له خنزب فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه ثلاثا واتفل عن يسارك ففعلت ذلك فأذهبه عني)
رواه مسلم
وقد لبس إبليس على خلق كثير من الجهالة المتعبدين فرأوا أن العبادة هي القيام والقعود فحسب وهم يدأبون في ذلك ويخلون في بعض واجباتهم ولا يعلمون.
ولبس على آخرين منهم فهم يطيلون الصلاة ويكثرون القراءة ويتركون المسنون في الصلاة ويرتكبون المكروه فيها .
وقد دخلت على بعض المتعبدين وهو يتنفل بالنهار ويجهر بالقراءة فقلت له إن الجهر بالقراءة مكروه فقال لي أنا أطرد النوم عني بالجهر فقلت له إن السنن لا تترك لأجل سهرك ومتى غلبك النوم فنم فإن للنفس عليك حقا .
والحمد لله رب العالمين
تعليقات
إرسال تعليق