القائمة الرئيسية

الصفحات

هدي النبي صلى الله عليه وسلم لنا في الحث على التداوي ومعالجة الأمراض والأخذ بالأسباب

بسم الله الرحمن الرحيم 


رَوَى مسلم فِي «صَحِيحِهِ» : مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزبير، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ «لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ، فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ، بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» «١» .
وَفِي «الصَّحِيحَيْنِ» عَنْ عطاء، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ دَاءٍ إِلَّا أَنْزَلَ له شفاء» «٢» .

وَفِي «مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ» : مِنْ حَدِيثِ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنْ أسامة بن شريك، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَاءَتِ الْأَعْرَابُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَنَتَدَاوَى؟
فَقَالَ: «نَعَمْ يَا عِبَادَ اللَّهِ تَدَاوَوْا، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ شِفَاءً غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ» ، قَالُوا مَا هُوَ؟ قَالَ: «الْهَرَمُ» «٣»

وَفِي لَفْظٍ: «إِنَّ الله لم ينزل داء إلّا أنزل شِفَاءً، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ» «٤»

وَفِي «الْمُسْنَدِ» : مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ يَرْفَعُهُ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُنْزِلْ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ، وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ» .

وَفِي «الْمُسْنَدِ» وَ «السُّنَنِ» «٥» عَنْ أبي خزامة، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ رُقًى نَسْتَرْقِيهَا، وَدَوَاءً نَتَدَاوَى بِهِ، وَتُقَاةً نَتَّقِيهَا، هَلْ تَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ شَيْئًا؟ فَقَالَ «هِيَ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ» «٦» .

فَقَدْ تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ إثْبَاتَ الْأَسْبَابِ وَالْمُسَبَّبَاتِ. وَإِبْطَالَ قَوْلِ مَنْ أَنْكَرَهَا


وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: «لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ» ، عَلَى عُمُومِهِ حَتَّى يَتَنَاوَلَ الْأَدْوَاءَ الْقَاتِلَةَ

وَالْأَدْوَاءَ الَّتِي لَا يُمْكِنُ لِطَبِيبٍ أَنْ يُبْرِئَهَا، وَيَكُونُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ جَعَلَ لَهَا أَدْوِيَةً تُبْرِئُهَا، وَلَكِنْ طَوَى عِلْمَهَا عَنِ الْبَشَرِ، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُمْ إِلَيْهِ سَبِيلًا، لِأَنَّهُ لَا عِلْمَ لِلْخَلْقِ إِلَّا مَا عَلَّمَهُمُ اللَّهُ، وَلِهَذَا عَلَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم الشّفاء على مصادفة الدواء للداء، فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ إِلَّا لَهُ ضِدٌّ، وَكُلُّ دَاءٍ لَهُ ضِدٌّ مِنَ الدَّوَاءِ يُعَالَجُ بِضِدِّهِ، فَعَلَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبُرْءَ بِمُوَافَقَةِ الدَّاءِ لِلدَّوَاءِ، وَهَذَا قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى مُجَرَّدِ وَجُودِهِ، فَإِنَّ الدَّوَاءَ مَتَى جَاوَزَ دَرَجَةَ الدَّاءِ فِي الْكَيْفِيَّةِ، أَوْ زَادَ فِي الْكَمِّيَّةِ عَلَى مَا يَنْبَغِي، نَقَلَهُ إِلَى دَاءٍ آخَرَ، وَمَتَى قَصَرَ عَنْهَا لَمْ يَفِ بِمُقَاوَمَتِهِ، وَكَانَ الْعِلَاجُ قَاصِرًا، وَمَتَى لَمْ يَقَعِ الْمُدَاوِي عَلَى الدَّوَاءِ، أَوْ لَمْ يَقَعِ الدَّوَاءُ عَلَى الدَّاءِ، لَمْ يَحْصُلِ الشِّفَاءُ، وَمَتَى لَمْ يَكُنِ الزَّمَانُ صَالِحًا لِذَلِكَ الدَّوَاءِ، لَمْ يَنْفَعْ، وَمَتَى كَانَ الْبَدَنُ غَيْرَ قَابِلٍ لَهُ، أَوِ الْقُوَّةُ عَاجِزَةً عَنْ حَمْلِهِ، أَوْ ثَمَّ مَانِعٌ يَمْنَعُ مِنْ تَأْثِيرِهِ، لَمْ يَحْصُلِ الْبُرْءُ لِعَدَمِ الْمُصَادَفَةِ، وَمَتَى تَمَّتِ الْمُصَادَفَةُ حَصَلَ الْبُرْءُ بِإِذْنِ الله ولابد، وَهَذَا أَحْسَنُ الْمَحْمِلَيْنِ فِي الْحَدِيثِ.


وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مِنَ الْعَامِّ الْمُرَادِ بِهِ الْخَاصُّ

لَا سِيَّمَا وَالدَّاخِلُ فِي اللَّفْظِ أَضْعَافُ أَضْعَافِ الْخَارِجِ مِنْهُ، وَهَذَا يُسْتَعْمَلُ فِي كُلِّ لِسَانٍ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً يَقْبَلُ الدَّوَاءَ إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً، فَلَا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْأَدْوَاءُ الَّتِي لَا تَقْبَلُ الدَّوَاءَ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الرِّيحِ الَّتِي سَلَّطَهَا عَلَى قَوْمِ عَادٍ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها «٧» أَيْ كُلُّ شَيْءٍ يَقْبَلُ التَّدْمِيرَ، وَمِنْ شَأْنِ الرِّيحِ أَنْ تُدَمِّرَهُ، وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ.


وَمَنْ تَأَمَّلَ خَلْقَ الْأَضْدَادِ فِي هَذَا الْعَالَمِ، وَمُقَاوَمَةَ بَعْضِهَا لِبَعْضٍ، وَدَفْعَ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ وَتَسْلِيطَ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ

تَبَيَّنَ لَهُ كَمَالُ قُدْرَةِ الرَّبِّ تَعَالَى، وَحِكْمَتُهُ، وَإِتْقَانُهُ مَا صَنَعَهُ، وَتَفَرُّدُهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ، وَالْوَحْدَانِيَّةِ، وَالْقَهْرِ، وَأَنَّ كُلَّ مَا سِوَاهُ فَلَهُ مَا يُضَادُّهُ وَيُمَانِعُهُ، كَمَا أَنَّهُ الْغَنِيُّ بِذَاتِهِ، وَكُلُّ مَا سِوَاهُ مُحْتَاجٌ بِذَاتِهِ.


وَفِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْأَمْرُ بِالتَّدَاوِي، وَأَنَّهُ لَا يُنَافِي التَّوَكُّلَ

كَمَا لَا يُنَافِيهِ دَفْعُ دَاءِ الْجَوْعِ، وَالْعَطَشِ، وَالْحَرِّ، وَالْبَرْدِ بِأَضْدَادِهَا، بَلْ لَا تَتِمُّ حَقِيقَةُ التَّوْحِيدِ إِلَّا بِمُبَاشَرَةِ الْأَسْبَابِ الَّتِي نَصَبَهَا اللَّهُ مُقْتَضَيَاتٍ لِمُسَبَّبَاتِهَا قَدَرًا وَشَرْعًا، وَأَنَّ تَعْطِيلَهَا يَقْدَحُ فِي نَفْسِ التَّوَكُّلِ، كَمَا يَقْدَحُ فِي الْأَمْرِ وَالْحِكْمَةِ، وَيُضْعِفُهُ مِنْ حَيْثُ يَظُنُّ مُعَطِّلُهَا أَنَّ تَرْكَهَا أَقْوَى فِي التَّوَكُّلِ، فَإِنَّ تَرْكَهَا عَجْزًا يُنَافِي التوكل الذي حقيقته اعتماد
الْقَلْبِ عَلَى اللَّهِ فِي حُصُولِ مَا يَنْفَعُ الْعَبْدَ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ، وَدَفْعِ مَا يَضُرُّهُ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ، وَلَا بُدَّ مَعَ هَذَا الِاعْتِمَادِ مِنْ مُبَاشَرَةِ الْأَسْبَابِ، وَإِلَّا كَانَ مُعَطِّلًا لِلْحِكْمَةِ وَالشَّرْعِ، فَلَا يَجْعَلُ الْعَبْدُ عَجْزَهُ تَوَكُّلًا، وَلَا تَوَكُّلَهُ عَجْزًا.


وَفِيهَا رَدٌّ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ التَّدَاوِي

وَقَالَ: إِنْ كَانَ الشِّفَاءُ قَدْ قُدِّرَ، فَالتَّدَاوِي لَا يُفِيدُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ قُدِّرَ، فَكَذَلِكَ وَأَيْضًا، فَإِنَّ الْمَرَضَ حَصَلَ بِقَدَرِ اللَّهِ، وَقَدَرُ اللَّهِ لَا يُدْفَعُ وَلَا يُرَدُّ، وَهَذَا السُّؤَالُ هُوَ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْأَعْرَابُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وَأَمَّا أَفَاضِلُ الصِّحَابَةِ، فَأَعْلَمُ بِاَللَّهِ وَحِكْمَتِهِ وَصِفَاتِهِ مِنْ أَنْ يُورِدُوا مِثْلَ هَذَا، وَقَدْ أَجَابَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا شَفَى وَكَفَى، فَقَالَ: هَذِهِ الْأَدْوِيَةُ وَالرُّقَى وَالتُّقَى هِيَ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ، فَمَا خَرَجَ شَيْءٌ عَنْ قَدَرِهِ، بَلْ يُرَدُّ قَدَرُهُ بِقَدَرِهِ، وَهَذَا الرَّدُّ مِنْ قَدَرِهِ، فَلَا سَبِيلَ إِلَى الْخُرُوجِ عَنْ قَدَرِهِ بِوَجْهٍ مَا، وَهَذَا كَرَدِّ قَدَرِ الْجُوعِ، وَالْعَطَشِ وَالْحَرِّ، وَالْبَرْدِ بِأَضْدَادِهَا، وَكَرَدِّ قَدَرِ الْعَدُوِّ بِالْجِهَادِ، وَكُلٌّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ الدَّافِعُ وَالْمَدْفُوعُ وَالدَّفْعُ.

وَيُقَالُ لِمُورِدِ هَذَا السُّؤَالِ «هَذَا يُوجِبُ عليك ألاتباشر سَبَبًا مِنَ الْأَسْبَابِ الَّتِي تَجْلِبُ بِهَا مَنْفَعَةً، أَوْ تَدْفَعُ بِهَا مَضَرَّةً، لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ وَالْمَضَرَّةَ إِنْ قُدِّرَتَا، لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ وُقُوعِهِمَا، وَإِنْ لَمْ تُقَدَّرَا لَمْ يَكُنْ سَبِيلٌ إِلَى وُقُوعِهِمَا، وَفِي ذَلِكَ خَرَابُ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، وَفَسَادُ الْعَالَمِ، وَهَذَا لَا يَقُولُهُ إِلَّا دَافِعٌ لِلْحَقِّ، مُعَانِدٌ لَهُ، فَيَذْكُرُ الْقَدَرَ لِيَدْفَعَ حُجَّةَ الْمُحِقِّ عَلَيْهِ، كَالْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ قَالُوا: لَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا «٨» ، ولَوْ شاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا «٩» . فَهَذَا قَالُوهُ دَفْعًا لِحُجَّةِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بِالرُّسُلِ.

وَجَوَابُ هَذَا السَّائِلِ أَنْ يُقَالَ: بَقِيَ قِسْمٌ ثَالِثٌ لَمْ تَذْكُرْهُ، وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ قَدَّرَ كَذَا وَكَذَا بِهَذَا السَّبَبِ. فَإِنْ أَتَيْتَ بِالسَّبَبِ حَصَلَ الْمُسَبَّبُ، وَإِلَّا فَلَا. فَإِنْ قَالَ: إِنْ كَانَ قَدَّرَ لِي السَّبَبَ، فَعَلْتُهُ، وَإِنْ لَمْ يقدّره لي لم أتمكن من فعله.

قِيلَ: فَهَلْ تَقْبَلُ هَذَا الِاحْتِجَاجَ مِنْ عَبْدِكَ، وَوَلَدِكَ، وَأَجِيرِكَ إِذَا احْتَجَّ بِهِ عَلَيْكَ فِيمَا أَمَرْتَهُ بِهِ، وَنَهَيْتَهُ عَنْهُ فَخَالَفَكَ؟ فَإِنْ قَبِلْتَهُ، فَلَا تَلُمْ مَنْ عَصَاكَ، وَأَخَذَ مَالَكَ، وَقَذَفَ عِرْضَكَ، وَضَيَّعَ حُقُوقَكَ. وَإِنْ لَمْ تَقْبَلْهُ، فَكَيْفَ يَكُونُ مَقْبُولًا مِنْكَ فِي دَفْعِ حُقُوقِ اللَّهِ عَلَيْكَ. وَقَدْ رُوِيَ فِي أَثَرٍ إسْرَائِيلِيٍّ: أَنَّ إبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ قَالَ؛ يَا رَبِّ مِمَّنِ الدَّاءُ؟ قَالَ: «مِنِّي» . قَالَ: «فَمِمَّنِ الدَّوَاءُ؟» ؟ قَالَ: «مِنِّي» . قَالَ: فَمَا بَالُ الطَّبِيبِ؟، قَالَ: «رَجُلٌ أُرْسِلُ الدَّوَاءَ عَلَى يَدَيْهِ» .

وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ» ، تَقْوِيَةٌ لِنَفْسِ الْمَرِيضِ وَالطَّبِيبِ، وَحَثٌّ عَلَى طَلَبِ ذَلِكَ الدَّوَاءِ وَالتَّفْتِيشِ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْمَرِيضَ إِذَا اسْتَشْعَرَتْ نَفْسُهُ أَنَّ لِدَائِهِ دَوَاءً يُزِيلُهُ، تَعَلَّقَ قَلْبُهُ بِرُوحِ الرِّجَاءِ، وَبَرَدَتْ عِنْدَهُ حَرَارَةُ الْيَأْسِ، وَانْفَتَحَ لَهُ باب الرجاء، متى قَوِيَتْ نَفْسُهُ انْبَعَثَتْ حَرَارَتُهُ الْغَرِيزِيَّةُ، وَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِقُوَّةِ الْأَرْوَاحِ الْحَيَوَانِيَّةِ وَالنَّفْسَانِيَّةِ وَالطَّبِيعِيَّةِ، وَمَتَى قَوِيَتْ هَذِهِ الْأَرْوَاحُ، قَوِيَتِ الْقُوَى الَّتِي هِيَ حَامِلَةٌ لَهَا، فَقَهَرَتِ الْمَرَضَ وَدَفَعَتْهُ.
وَكَذَلِكَ الطَّبِيبُ إِذَا عَلِمَ أَنَّ لِهَذَا الدَّاءِ دَوَاءً أَمْكَنَهُ طَلَبُهُ وَالتَّفْتِيشُ عَلَيْهِ.


وَأَمْرَاضُ الْأَبْدَانِ عَلَى وِزَانِ أَمْرَاضِ الْقُلُوبِ، وَمَا جَعَلَ اللَّهُ لِلْقَلْبِ مَرَضًا إِلَّا جَعَلَ لَهُ شِفَاءً بِضَدِّهِ، فَإِنْ عَلِمَهُ صَاحِبُ الدَّاءِ وَاسْتَعْمَلَهُ، وَصَادَفَ دَاءَ قَلْبِهِ، أَبْرَأَهُ بإذن الله تعالى



المصادر والمراجع مع البيان

(١) أخرجه مسلم في كتاب الطب عن جابر، والإمام أحمد، ولم يخرجه البخاري واستدركه الحاكم فوهم

(٢) أخرجه ابن ماجه. والبخاري في الطب. ورواه مسلم بلفظ «ما أنزل الله داء إلا أنزل له دواء، فإذا أصيب دواء الداء برىء بإذن الله


(٣) أخرجه أبو داود والترمذي والإمام أحمد وابن ماجه كلهم في كتاب الطب وأخرجه ابن حبان في صحيحه والحاكم من حديث زياد بن علاقة، وقال الترمذي حس صحيح والحاكم صحيح. ومعنى الحديث: أي تداووا ولا تعتمدوا في الشفاء على التداوي بل كونوا عباد الله متوكلين عليه. ومن تداوى عليه أن يعتقد حقا ويؤمن يقينا بأن الدواء لا يحدث شفاء ولا يولده، كما أن الداء لا يحدث سقما ولا يولده، ولكن المولى جلت قدرته يخلق الموجودات واحدا عقب آخر على ترتيب هو أعلم بحكمته و «داء الهرم» أي الكبر جعل داء تشبيها به لأن الموت يعقبه كالداء

(٤) رواه الحاكم. ونحوه للنسائي وابن ماجه، وصحيحه ابن حبان


(٥) هي سنن الترمذي


(٦) أخرجه ابن ماجه والحاكم في صحيحه، والترمذي وقال: حسن صحيح


(٧) الأحقاف- ٢٥- وهي الريح العاصفة التي دمر الله بها عادا قوم هود، وكان ذلك بإرادة الله سبحانه، فأهلكتهم رجالا ونساء وصغارا وكبارا، وأهلكت أموالهم. وبقي هود ومن آمن معه.

(٨) الانعام- ١٤٨- والمعنى أن المشركين يريدون أن يقولوا: إن الله راض بإشراكنا وتحريمنا للبحيرة والسائبة وغيرهما. ورد الله عليهم بقوله «قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا»
(٩) النحل- ٣٥- والمعنى أن قائل هذا القول أهل مكة وأحزابهم في الشرك

من كتاب الطب النبوي للإمام ابن القيم الجوزية رحمه الله 

إقرأايضا أمراض القلوب وأنواعها لابن القيم الجوزية رحمه الله 

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات