بسم الله الرحمن الرحيم
1. إذا لاقى الماء نجاسة غيرت أوصافه
الماء إذا لاقى نجاسة وغيرت أحد أوصافه ( الريح أو الطعم أو اللون ) فإنه ينجس إذا كان قليلا أو كثيرا بالإجماع
قال ابن المُنذِر: وأجمعوا على أنَّ الماءَ القليلَ والكثيرَ إذا وقعت فيه نجاسةٌ، فغيَّرت للماءِ طعمًا، أو لونًا، أو ريحًا: أنَّه نجِسٌ ما دام كذلك
(الإجماع) (1/35).
قال الشافعيُّ: ...إذا تغيَّرَ طَعمُ الماءِ أو ريحُه أو لونُه، كان نجسًا... هو قول العامَّة لا أعلم بينهم فيه اختلافًا
(الأم) (1/43).
قال ابن عبدِ البَرِّ: والماءُ لا يخلو تغيُّرُه مِن أن يكونَ بنجاسةٍ أو بغير نجاسةٍ، فإن كان بنجاسةٍ فقد أجمَعَ العُلَماءُ على أنَّه غيرُ طاهرٍ ولا مُطهِّرٍ
(التمهيد) (19/16).
2. الماء الكثير إذا لاقى نجاسة
لا ينجس الماء الكثير إذا لاقى نجاسة إلا إذا تغيرت أوصافه
قال ابن المُنذِر: أجمعوا على أنَّ الماءَ الكثيرَ مِنَ النِّيل والبَحرِ، ونحو ذلك إذا وقعت فيه نجاسةٌ، فلم تغيِّرْ له لونًا ولا طعمًا ولا ريحًا؛ أنه بحاله، ويُتطهَّرُ منه
(الإجماع) (ص: 35).
قال ابنُ عبدِ البَرِّ: الماءُ إذا غلَب على النَّجاساتِ وغمَرَها؛ طهَّرَها، وكان الحُكمُ له لا لها، ولو كان إذا اختلط بالنَّجاسات لحقتُه النجاسةُ ما كان طَهورًا، ولا وصَلَ به أحدٌ إلى الطَّهارةِ، وهذا مردودٌ بأنَّ الله عزَّ وجلَّ سمَّاه طَهورًا، وأجمع المسلمونَ على ذلك في كثيرِه.
(التمهيد) (9/108).
قال ابن حزم: واتَّفقوا أنَّ الماءَ الرَّاكِدَ إذا كان من الكَثرةِ بحيث إذا حُرِّك وسَطه لم يتحرَّك طرَفاه ولا شيءٌ منهما؛ فإنَّه لا ينجِّسُه شيء إلَّا ما غيَّر لونَه، أو طَعمَه، أو رائحَتَه
(مراتب الإجماع) (ص: 17).
3. الماء الجاري إذا وقعت فيه نجاسة
الماء الجاري لا ينجس إذا وقعت فيه نجاسة وهو قول الجمهور وحكي الإجماع على ذلك
عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (لا يَبولنَّ أحدُكم في الماء الدَّائِمِ الذي لا يَجري ثُمَّ يَغتسِل فيه)
رواه البخاري (239) واللفظ له، ومسلم (282).
يدل الحديث على أن النبي صلى الله عليه وسلم فرق بين الماء الراكد والماء الجاري المتجدد وأن الأصل بالماء الجاري الطهارة ما لم تتغير أوصافه وأن النجاسة في الماء الجاري منفصلة عما أمامها وخلفهاوأن الماء الجاري بمجموعه أكثر من قلتين ناهيك عن اندفاعه وعدم استقرار النجاسة به
قال ابن قدامة: فعلى هذا لا يتنجَّسُ الجاري إلَّا بتغيُّره؛ لأنَّ الأصلَ طَهارَتُه، ولا نعلَمُ في تنجيسه نصًّا ولا إجماعًا، فبَقِيَ على أصلِ الطَّهارة
(المغني) (1/25).
قال ابن حزم: فأمَّا الجاري فاتَّفقوا على جوازِ استعمالِه ما لم تظهَرْ فيه نجاسةٌ
(مراتب الإجماع) (ص: 17).
لكنْ خالَفَه فيه ابنُ تيميَّة فيما كان دون القُلَّتينِ، فقال: (قلت: الشافعي في الجديدِ مِن قولَيه، وأحدُ القولين في مذهب أحمد: أنَّ الجاري كالرَّاكد في اعتبارِ القُلَّتين، فينجُسُ ما دون القُلَّتين بوقوعِ النجاسة فيه، وإن لم تظهَرْ فيه) (نقد مراتب الإجماع) (ص: 288).
4. الماء القليل إذا لاقى نجاسة
إذا كان الماء قليل دون القلتين ولاقى نجاسة فإنه ينجس حتى لو لم تتغير أوصافه
يدل الحديث على أن الماء يحمل النجاسة إذا كان دون القلتين
وتقدر القلتين ب307 ليتر من الماء
5. الماء المتغير بمجاورة النجاسة
إذا تغيرت رائحة الماء فقط لمجرد مجاورته للنجاسة فإنه يبقى على طهوريته نص على هذا الجمهور
المالكية في [122] ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (1/75) والشافعية في [123] ((المجموع)) للنووي (1/106) والحنابلة في الشرح الكبير (1/38).
ومثال ذلك وجود جيفة قريبة من ماء طهور تسببت بتغير رائحة الماء ولم يتغير لونه أو طعمه
6. كيفية تطهير الماء المتنجس
لتطهيرِ الماءِ المتنجِّسِ طُرُق؛ منها: أن يزولَ بتغيُّرِه بنَفْسِه، أو بإضافة ماءٍ أو ترابٍ أو غيرهما، أو بنَزْحِ بعضه. وللفقهاءِ تفاصيلُ كثيرةٌ في شروطِ وقيود كلِّ طريقة.
يطهر الماء بزوال جميع أوصاف النجاسة منه و عودته إلى أصل خلقته بشكل كامل بإضافة الماء إليه أو بنزحه (كإفراغ الماء من البئر حتى تعود صفات الماء المتبقي فيه إلى أصلها) أو بالطرق الحديثة على أن يعود الماء إلى أصل خلقته تماما
(العَينَ النَّجِسةَ إذا استحالت صِفاتُها بطَل عنها اسمُها الذي به ورد ذلك الحُكمُ فيه, وانتقل إلى اسمٍ آخَرَ واردٍ على حلالٍ طاهرٍ, فليس هو ذلك النَّجِسَ ولا الحرامَ, بل قد صار شيئًا آخر ذا حُكمٍ آخرَ، فالأحكامُ للأسماءِ، والأسماءُ تابعةٌ للصِّفاتِ)
((المحلى)) لابن حزم (1/143)، ((مجموع فتاوى ابن تيميَّة)) (20/522)، ((فتح الباري)) لابن حجر (10/71).
تعليقات
إرسال تعليق