بسم الله الرحمن الرحيم
هل يجوز الفرح بموت أعداء الإسلام وما يصيبهم من مصائب
نعم يجوز الفرح بهلاك أعداء الإسلام الذين قتلوا وروعوا المسلمين والذين ناصروا من قتل المسلمين وعاداهم وأذاهم والذين جاهروا بالفسق والفجور وأصحاب البدع المغلظة الذي حاربوا أهل الحق وأضلوا المسلمين ولبسوا عليهم أمر دينهم فموتهم وما يصيبهم من مصائب في الدنيا من النعم التي ينعم الله بها على عباده ومن الأدلة على هذا.
1. قال الله تعالى في الأحزاب الذين حاصروا المدينة بعد أن أهلكهم الله تعالى :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً )
الأحزاب/ 9 .
بين الله تعالى في هذه الآية أن هلاك الأعداء من النعم التي تستوجب شكره سبحانه وتعالى
2. عن أبو قتادة الحارث بن ربعي أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُرَّ عليه بجِنَازَةٍ، فَقالَ:
( مُسْتَرِيحٌ ومُسْتَرَاحٌ منه قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، ما المُسْتَرِيحُ والمُسْتَرَاحُ منه؟ قالَ: العَبْدُ المُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِن نَصَبِ الدُّنْيَا وأَذَاهَا إلى رَحْمَةِ اللَّهِ، والعَبْدُ الفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ منه العِبَادُ والبِلَادُ، والشَّجَرُ والدَّوَابُّ)
صحيح البخار 6512
قال النووي – رحمه الله - :
معنى الحديث : أن الموتى قسمان : مستريح ومستراح منه ، ونصب الدنيا : تعبها ، وأما استراحة العباد من الفاجر معناه : اندفاع أذاه عنهم ، وأذاه يكون من وجوه ، منها : ظلمه لهم ، ومنها : ارتكابه للمنكرات فإن أنكروها قاسوا مشقة من ذلك ، وربما نالهم ضرره ، وإن سكتوا عنه أثموا .
واستراحة الدواب منه كذلك لأنه كان يؤذيها ويضربها ويحملها ما لا تطيقه ويجيعها في بعض الأوقات وغير ذلك .
واستراحة البلاد والشجر : فقيل : لأنها تمنع القطر بمصيبته قاله الداودي وقال الباجي لأنه يغصبها ويمنعها حقها من الشرب وغيره .
" شرح مسلم " ( 7 / 20 ، 21 ) .
3. قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:
وقاتل أمير المؤمنين علي بن أبى طالب رضي الله عنه الخوارجَ ، وذكر فيهم سنَّة رسول الله المتضمنة لقتالهم ، وفرح بقتلهم ، وسجد لله شكراً لما رأى أباهم مقتولاً وهو ذو الثُّدَيَّة .
مجموع الفتاوى " ( 20 / 395 ) .
4. قال الخلاَّل – رحمه الله - :
قيل لأبي عبد الله – أي : الإمام أحمد بن حنبل - : الرجل يفرح بما ينزل بأصحاب ابن أبي دؤاد ، عليه في ذلك إثم ؟ قال : ومن لا يفرح بهذا ؟ .
" السنَّة " ( 5 / 121 ) .
5. قال ابن كثير – رحمه الله –
فيمن توفي سنة 568 هـ - :الحسن بن صافي بن بزدن التركي ، كان من أكابر أمراء بغداد المتحكمين في الدولة ، ولكنه كان رافضيّاً خبيثاً متعصباً للروافض ، وكانوا في خفارته وجاهه ، حتى أراح الله المسلمين منه في هذه السنَة في ذي الحجة منها ، ودفن بداره ، ثم نقل إلى مقابر قريش ، فلله الحمد والمنَّة .
وحين مات فرح أهل السنة بموته فرحاً شديداً ، وأظهروا الشكر لله ، فلا تجد أحداً منهم إلا يحمد الله .
" البداية والنهاية " ( 12 / 338 ) .
6. وقال الخطيب البغدادي – رحمه الله –
في ترجمة عبيد الله بن عبد الله بن الحسين أبو القاسم الحفَّاف المعروف بابن النقيب - :كتبتُ عنه ، وكان سماعه صحيحاً ، وكان شديداً في السنَّة ، وبلغني أنه جلس للتهنئة لما مات ابن المعلم شيخ الرافضة وقال : ما أبالي أي وقت مت بعد أن شاهدت موت ابن المعلم .
" تاريخ بغداد " ( 10 / 382 ) .
7. ولما أُصيب المبتدع الضال " ابن أبي دؤاد " بالفالج – وهو " الشلل النصفي " - :
فرح أهل السنَّة بذلك ، حتى قال ابن شراعة البصري :أفَلَتْ نُجُومُ سُعودِك ابنَ دُوَادِ ... وَبَدتْ نُحُوسُكَ في جميع إيَادِ
فَرِحَتْ بمَصْرَعِكَ البَرِيَّةُ كُلُّها ... مَن كَان منها مُوقناً بمعَادِ
لم يَبْقَ منكَ سِوَى خَيَالٍ لامِعٍ ... فوق الفِرَاشِ مُمَهَّداً بوِسادِ
وَخَبتْ لَدَى الخلفاء نارٌ بَعْدَمَا ... قد كنت تَقْدحُهَا بكُلِّ زِنادِ
8. أما بالنسبة للحديث أذكروا محاسن موتاكم
عن ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( اذْكُرُوا مَحَاسِنَ مَوْتَاكُمْ وَكُفُّوا عَنْ مَسَاوِيهِمْ ) .رواه أبو داود ( 4900 ) الترمذي ( 1019 ) وضعفه فقال : هذا حديث غريب سمعتُ محمَّداً – أي : الإمام البخاري - يقول : عمران بن أنس المكي منكر الحديث .
وقد صحَّ في الباب عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( لَا تَسُبُّوا الْأَمْوَاتَ قَدْ أَفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّمُوا ) رواه البخاري ( 1329 ) .
عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : مَرُّوا بِجَنَازَةٍ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وَجَبَتْ ) ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا فَقَالَ ( وَجَبَتْ ) فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : مَا وَجَبَتْ ؟ قَالَ : ( هَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا فَوَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ وَهَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ ) .
رواه البخاري ( 1301 ) ومسلم ( 949 ) .
قال بدر الدين العيني – رحمه الله - :
فإن قيل : كيف يجوز ذكر شر الموتى مع ورود الحديث الصحيح عن زيد بن أرقم في النهي عن سب الموتى وذكرهم إلا بخير ؟ وأجيب : بأن النهي عن سب الأموات غير المنافق والكافر والمجاهر بالفسق أو بالبدعة ، فإن هؤلاء لا يحرُم ذكرُهم بالشر للحذر من طريقهم ومن الاقتداء بهم .
" عمدة القاري شرح صحيح البخاري " ( 8 / 195 ) .
والحمد لله رب العالمين
تعليقات
إرسال تعليق