القائمة الرئيسية

الصفحات

دعاء المطر و دعاء الريح و الدعاء إذا كثر المطر مع الشرح من سنة النبي صلى الله عليه وسلم

                                        بسم الله الرحمن الرحيم 

دعاء المطر ودعاء الريح 

من سنة النبي صلى الله عليه وسلم 


كان رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذَا رَأَى المَطَرَ، قالَ: اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا .
أخرجه البخاري 

شرح الحديث:

وفي هذا الحديثِ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان إذا رأى مطرًا دعا اللهَ عزَّ وجلَّ أن يكونَ هذا المطرُ "صَيِّبًا نافعًا"، أي: مطرًا نافعًا للعبادِ والبلادِ، ليس مطرَ عذابٍ أو هدمٍ أو غرقٍ، كما أهلَك اللهُ قومَ نوحٍ بالسُّيولِ الجارفةِ.
وفي الحديث: الدُّعاءُ في الازديادِ مِن الخَيرِ والبركةِ فيه، والنَّفْعِ فيه

الدعاء إذا كثر المطر:

أنَّ رَجُلًا جَاءَ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ الجُمُعَةِ، وهو يَخْطُبُ بالمَدِينَةِ، فَقالَ: قَحَطَ المَطَرُ، فَاسْتَسْقِ رَبَّكَ. فَنَظَرَ إلى السَّمَاءِ وما نَرَى مِن سَحَابٍ، فَاسْتَسْقَى، فَنَشَأَ السَّحَابُ بَعْضُهُ إلى بَعْضٍ، ثُمَّ مُطِرُوا حتَّى سَالَتْ مَثَاعِبُ المَدِينَةِ، فَما زَالَتْ إلى الجُمُعَةِ المُقْبِلَةِ ما تُقْلِعُ، ثُمَّ قَامَ ذلكَ الرَّجُلُ أوْ غَيْرُهُ، والنبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَخْطُبُ، فَقالَ: غَرِقْنَا، فَادْعُ رَبَّكَ يَحْبِسْهَا عَنَّا، فَضَحِكَ ثُمَّ قالَ: اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا ولَا عَلَيْنَا مَرَّتَيْنِ أوْ ثَلَاثًا، فَجَعَلَ السَّحَابُ يَتَصَدَّعُ عَنِ المَدِينَةِ يَمِينًا وشِمَالًا، يُمْطَرُ ما حَوَالَيْنَا ولَا يُمْطِرُ منها شيءٌ، يُرِيهِمُ اللَّهُ كَرَامَةَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وإجَابَةَ دَعْوَتِهِ.
أخرجه البخاري ومسلم 

شرح الحديث:

وفي هذا الحديثِ يقولُ أَنَسٌ رضِي اللهُ عنه: «أصابَ الناسَ سَنَةٌ»، أي: شِدَّةٌ وجَهْدٌ مِنَ الجَدْبِ، «على عَهْدِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فبَيْنَا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَخطُب على المِنْبر يومَ الجُمعةِ، قام أعرابيٌّ»، أي: أحدُ سُكَّانِ البَادِيَةِ من الأَعرابِ، «فقال: يا رسولَ الله، هَلَك المالُ»، يَقصِد: هَلَكَتِ الحيواناتُ- وهي مِن جُملةِ الأموالِ- مِن قِلَّةِ الماءِ والزَّرْع، «وجَاعَ العِيَالُ» وهُم كلُّ مَن يَعُولُه الرَّجُلُ مِنَ وَلَدٍ وزَوْجَةٍ وغيرِهما، «فادْعُ اللهَ أنْ يَسْقِيَنا»، أي: بإنزال المطرِ، «فرَفَع رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يدَيْه» فدَعَا، «وما في السَّماء» حينئذٍ «قَزَعَةٌ»، أي: قِطعةُ غَيْم، «فثَارَ السَّحابُ أمثالَ الجِبالِ»، أي: هَاجَ وانتَشر سَحابٌ عظيمٌ، «ثُمَّ لم يَنْزِلْ» صلَّى الله عليه وسلَّم «عن مِنْبَرِه حتى رأيتُ المَطَرَ»، أي: وقد نَزَل «يتَحَادَرُ»، أي: يَنزِل ويَقطُر «على لِحْيَتِهِ» صلَّى الله عليه وسلَّم، وظَلَّ المطرُ يَنْزِل كلَّ يومٍ إلى الجُمعةِ التاليةِ، فعاد ذلك الأعرابيُّ أو رجلٌ غيرُه، وقال: «يا رسولَ الله، تهدَّم البِناءُ، وغَرِق المالُ» مِن شِدَّةِ المطرِ، «فادْعُ اللهَ لنا، فرَفَع رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يديه» داعيًا «وقال: اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا ولا عَلَيْنا»، أي: أَنْزِلِ المطرَ في جَوانِبِنا، لا علينا وعلى أَبْنِيَتِنا، وجَعَل يُشِيرُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بيَدِه إلى السماءِ، وكلما أشار إلى ناحيةٍ تَفَرَّجَتْ، أي: انكَشَف السَّحابُ فيها، «حتى صارتِ المدينةُ في مِثْلِ الجَوْبَةِ»، أي: الفُرْجَة المستدِيرة في السَّحابِ، فأحاطَتْ بها المِياهُ كالحَوْضِ المستدِيرِ، «حتى سَالَ الوادِي، وادِي قَنَاةَ، شهرًا» وقَنَاةُ: اسمٌ لوادٍ مُعيَّن من أَوْدِيَةِ المَدِينَةِ، والمعنَى: جَرَى فيه الماءُ شهرًا، «فلَمْ يَجِئْ أحدٌ مِن نَاحِيَةٍ» مِن نَوَاحِي المَدِينَةِ «إلا حَدَّثَ بالجُودِ»، أي: أَخْبَرَ عن المَطَر الغَزِير.
وفي الحديثِ: مُعجِزةٌ ظاهرةٌ للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في إجابةِ دُعائِه.
وفيه: مَشْرُوعِيَّةُ الاستِسقاءِ في أثناءِ خُطبة الجمعةِ


دعاء الريح١:

ما رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ضَاحِكًا حتَّى أرَى منه لَهَوَاتِهِ، إنَّما كانَ يَتَبَسَّمُ، قالَتْ: وكانَ إذَا رَأَى غَيْمًا أوْ رِيحًا عُرِفَ في وجْهِهِ، قالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ إنَّ النَّاسَ إذَا رَأَوْا الغَيْمَ فَرِحُوا رَجَاءَ أنْ يَكونَ فيه المَطَرُ، وأَرَاكَ إذَا رَأَيْتَهُ عُرِفَ في وجْهِكَ الكَرَاهيةُ، فَقالَ: يا عَائِشَةُ ما يُؤْمِنِّي أنْ يَكونَ فيه عَذَابٌ؟ عُذِّبَ قَوْمٌ بالرِّيحِ، وقدْ رَأَى قَوْمٌ العَذَابَ، فَقالوا: هذا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا
أخرجه البخاري في صحيحه 

شرح الحديث:

كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَخشَى على أُمَّتِهِ العذابَ في الدُّنيا والآخِرةِ، وكان يُعلِّمُ أصحابَهُ أنَّ أمْرَ المؤمنِ مع اللهِ بين الخَوفِ والرَّجاءِ؛ حتَّى يَعمَلوا ولا يَتَّكِلوا على الإيمانِ والإسلامِ، وفي هذا الحَديثِ تُخبِر عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها: "ما رأيْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ضاحِكًا حتَّى أَرى منه لَهَوَاتِهِ"، وهذا كِنايةٌ عن أنَّ ضَحِكَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يكُنْ بالضَّحِكِ الشَّديدِ، واللَّهَاةُ: اللَّحْمَةُ المُتعلِّقةُ في أعلى الحَلْقِ، "إنَّما كان يَبتسِمُ"، أي: كان يَكْتفي النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عِند ضَحِكِهِ بالتَّبسُّمِ، قالَتْ عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها: "وكان إذا رأى غَيْمًا"، أي: سحابًا، "أو رِيحًا عُرِفَ في وَجْهِهِ"، أي: الكَراهِيَةُ والخوفُ، قالَتْ: "يا رسولَ اللهِ، إنَّ النَّاسَ إذا رَأَوُا الغَيْمَ فرِحوا؛ رَجاءَ أنْ يكونَ فيه المطَرُ"، أي: ظَنًّا منهم أنَّه يَحمِلُ لهم ماءً يَسْتَقُونَ مِنْهُ، "وأَراكَ إذا رأيْتَهُ"، أي: السَّحابَ، "عُرِفَ في وَجهِكَ الكَراهيةُ؟"، أي: تَغيَّرَ وجهُهُ وبَدَا عليه الخوفُ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "يا عائشةُ، ما يُؤَمِّنُنِي أنْ يكونَ فيه عذابٌ؟" أي: ما يَجعَلُني آمِنًا من أنْ يكونَ فيه عذابٌ مِنَ اللهِ تعالَى، إنَّ خوْفي وكُرهي خَشْيَةَ أنْ يكونَ بالسَّحابَةِ أو الرِّياحِ عذابٌ مِنَ اللهِ عزَّ وجلَّ على العِبادِ، "عُذِّبَ قَوْمٌ بالرِّيحِ"، أي: يَقصِدُ قومَ عادٍ الَّذين أُرْسِلَ فيهم نبيُّ اللهِ هُودٌ عليه السَّلامَ، فقدْ أرسَلَ اللهُ عليهِمُ الرِّيحَ فأهلَكَتْهُمْ، "وقد رأى قومٌ العذابَ، فقالوا: هذا عارِضٌ مُمْطِرُنَا"، أي: إنَّهم لَمَّا رَأَوُا السَّحابَ ظَنُّوا أنَّ به المطَرَ، والمُرادُ بالعارِضِ: السَّحابُ؛ وذلك لأنَّه يَعترِضُ السَّماءَ ويَحجُبُ رؤيتَها، فأجابَهُمُ اللهُ عزَّ وجلَّ بقولِه: {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الأحقاف: 24]، وكان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يَخافُ مِنَ اللهِ أشَدَّ الخوفِ على ما له مِن كرامَةٍ عليه، ولكنَّه خَوْفُ المؤمنِ الَّذي لا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ، وإذا كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بهذه الدَّرجةِ مِنَ الخوفِ من رَبِّهِ، فيَنبغي أنْ يكونَ غَيرُه أَشَدَّ خوفًا وحِرْصًا على المُداوَمَةِ على الطَّاعةِ وعدمِ المعصيةِ

دعاء الريح ٢

ما هبَّتْ ريحٌ قطُّ إلا جثَا النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ على ركبتيه وقال: [اللهمَّ] اجعلَها رحمةً ولا تجعلْها عذابًا اللهمَّ اجعلْها [رياحًا] ولا تجعلها رِيحًا قال ابنُ عباسٍ: في كتابِ اللهِ {أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا} و{أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ} وقال تعالى: {وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَوَاقِحَ} و{أَرْسَلْنَا الرِّياحَ مُبَشِّرَاتٍ} وفي بعضِ النسخِ {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ}
أخرجه ابن الأثير بإسناد حسن

والحمد لله رب العالمين 
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

4 تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق